بعد حادثة قبرشمون في الاول من تموز، واشتداد الازمة السياسية وتعطيل مجلس الوزراء، زار رئيس المجلس النيابي نبيه بري قصر بعبدا في 8 تموز. يومها صرّح بري بأنه حضر الى بعبدا ولكن «يصبّح» على الرئيس عون، ولكن ما دار حقيقة في تلك الزيارة هو ما تكشفه مصادر مقربة من الرئيس بري، اذ كان الهدف تشجيع الرئيس عون على المضي بمبادرة «المصالحة» بين المتخاصمين في القصر الجمهوري وتحت عباءته.
تشير المصادر الى أن الرئيس بري تمنّى على الرئيس عون في تلك الزيارة أن يلعب الدور الأهم، أي أن يكون «أب الكل» وأن يطلب من رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، ورئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الحضور الى قصر بعبدا لأجل المصالحة، وذلك قبل تفاقم الامور، لافتة النظر الى أن الرئيس عون يومها وعد بري خيرا، ولكن تفاقهم الملف كان أسرع، الامر الذي لم يُتح وقتذاك ربما للرئيس عون أن يدعو المتخاصمين لزيارته.
مضت الايام ومع كل يوم مبادرة، ولكن دون الوصول الى حلول، تقول المصادر، مشيرة الى أن الطروحات كانت كثيرة، ولكنها كانت تصطدم كل مرة برفض أحد الفريقين، آخرها كان الدعوة لعقد جلسة وزارية يكون على جدول أعمالها بند إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، ويتم التصويت عليه، فيسقط، او أقله ينال 15 صوتا موافقا مقابل 15 معارضا، فيسقط، ولكن الرئيس بري رفض هذا الطرح بقوة، كونه ليس من المشجعين لفكرة التصويت، والاهم هو من العاملين لفكرة المصالحة.
تؤكد المصادر أن بري كان إيجابيا مع كل طرح يحمله مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولكنه نهار الأربعاء الماضي استشعر اختلافا بالطروحات نفسها بين شخص وآخر، وأحيانا ضمن الفريق الواحد، أي انه وجد تباينا بفهم نفس الطرح، الامر الذي يؤدي بحال استمراره الى الفوضى بالحلول والتي لن تؤدي الى نتيجة جيدة، لذلك أبلغ بري بحسب المصادر اللواء ابراهيم الذي زاره عصر الاربعاء في عين التينة في لقاء استمر دقائق قليلة، بأن المطلوب «وحدة» الموقف، الأمر الذي اشتكى منه اللواء ابراهيم أيضا.
كذلك في ذلك النهار، تلقّى الرئيس بري عصرا اتصالا هاتفيا من رئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان، فكان جواب بري بحسب المصادر مماثلا، ومفاده أن «اتفقوا على صيغة موحدة وأنا أقبل بها»، وهنا يقصد بري الاتفاق على صيغة المصالحة، حيث تؤكد المصادر أن الصيغة المتاحة للحل والتي يرجح أن تتحقق ولا يتحقق غيرها والتي قطعت شوطا كبيرا في درب نجاحها، هو المصالحة بين ارسلان وجنبلاط بحضور بري ورئيس الحكومة سعد الحريري بضيافة الرئيس عون، اذ أن المطلوب عودة عقارب الساعة الى ما قبل حادثة قبرشمون، خصوصا بعد أن أظهرت التحقيقات التي تُجرى ان الحادثة لا تصل الى حدود الكمين.
وتضيف: «ليست دقيقة المعلومات عن رفض جنبلاط لحل المصالحة، انما الدقيق هو محاولة رئيس التقدمي الاشتراكي إشراك حزب الله في المصالحة، كونه يعتبر الحزب شريكا بالخلاف معه لا بل اللاعب الاساسي فيه»، مشيرة الى أن الرئيس بري سيلعب دوره كاملا في اقناع جنبلاط بضرورة إنهاء الملف بأسرع وقت ممكن.
تؤكد المصادر أن ما يُعمل عليه الرئيس بري من حل لا يزال يحتاج الى قليل من الوقت لكي ينضج، على أمل أن لا تتغير المواقف بين ليلة وضحاها كما كان يحصل، مشيرة الى أن الجلسة الحكومية قد تحصل بداية الأسبوع المقبل، بحال صدقت النوايا، او منتصف الأسبوع. وتضيف: «اليوم نقف على مشارف نهاية أزمة انعقاد الحكومة، ولكن القادم قد يكون مثيرا اكثر، خصوصا اذا ما تواصل الخلاف حول تفسير المادة 95 من الدستور»، وتفاعل مسألة رسالة رئيس الجمهورية لرئيس المجلس النيابي.