الاربعاء المقبل، ساحة النجمة على موعد من الجهة العملية والواقعية مع جلسة في آخر جدول أعمالها اقتراح تمديد ثان لغاية عشرين حزيران 2017، تحت ستار رسمي عنوانه درس وإقرار المشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال.من هنا وحتى تاريخه ستنصب جهود القوى السياسية على حدّ قول مصادر نيابية، على التمديد للمجلس النيابي، حيث نزل إعلان الرئيس نبيه بري عن فرض جلسة التمديد، المغلفة بقوانين غالبيتها مشاريع مصدرها لجنة المال والموازنة، بردا وسلاما على «من اتبع الهدى»، الراغبون والمتحمسون باتوا على قاب قوسين أو أدنى من الهدف، والمعارضون أو المزايدون عليهم ضربوا العصفورين بحجر. إعلان لم يحدث صدمة في الواقع السياسي لأنه لم يأت من خارج المتوقع، وكأنه لزوم ما يلزم، فالبلد «ماشي» على قاعدة شاء من شاء وأبى من أبى، وما كتب قد كتب.
غير ان ما يهم الرئيس بري تضيف المصادر، ابعد من نصاب ميثاقي، نجح في تأمينه من خلال وعد عوني بحضور جلسة التمديد والتصويت ضده، بقدر ما يهتم لاقرار ميثاقي، يحتاج حكما لتأييد مسيحي وازن تؤمنه «المردة» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» لما لها من شعبية وباعتبار قادتها يمثلون ثلاثة من اصل اربعة يتربعون على عرش الصف الاول الماروني. عليه كانت محاولات الرئيس سعد الحريري مع الكتائب والقوات بداية، لتليها رسالة من عين التينة الى معراب نقلها النائب جورج عدوان، بعيد لقاء بري-عون، خلاصتها «تصويت قواتي لمصلحة التمديد والا صرف النظر عنه نهائيا»، بحسب المصادر، التي اشارت الى ان البديل عندئذ سيكون اقرار قانون تعديل المهل في قانون الانتخابات الحالي، ما يعني عمليا تمديدا تقنيا لفترة قصيرة.
رسالة قرأتها القوات اللبنانية، بعين من الريبة، ما دفعها بحسب المصادر الى اطلاق سلسلة اتصالات ومشاورات بدأت مع النائب سامي الجميل على هامش زيارته الى معراب، حيث القرار بالسير بموقف واحد في مسألة التمديد، واستكملت مع «تيار المستقبل» ان ينتظر بحسب التسريبات ان يعقد لقاء لقوى الرابع عشر من آذار لبحث المسألة، وصولا الى استراليا حيث تم اطلاع البطريرك الماروني على الاجواء، التي خلصت الى ان ما طرحه الرئيس بري ترجمته في السياسة مؤتمر تاسيسي بعد تعذر عقد الانتخابات بعد فترة لاسباب متصلة بانفجارات امنية متفرقة.
امر دفع بالبطريرك الراعي الى «هز العصا» بداية، ثم اعلانه بالامس عن يقينه ان هناك من يريد تغيير طبيعة النظام والكيان والذهاب الى المثالثة. وفي هذا الاطار سألت المصادر عن القطبة المخفية في الموقف المستغرب «للاستاذ» الذي لم يسأل عن اي ميثاقية في التمديد الاول رغم معارضة كل الرموز السياسية والروحية المسيحية، بل انه ذهب ابعد من ذلك وصولا الى تعطيل المجلس الدستوري، طالما ان موقف الكتل المسيحية قد يكون مفهوما في سوق المزايدات لكسب الشارع، الا ان المستغرب، اضافت ان طبخة التمديد التي هندسها رؤساء الكتل الكبرى وكلف النائب وليد جنبلاط اخراجها واعداد السيناريو لها، لم تأخذ في الاعتبار اعتراض هذا الفريق او ذاك ولا ميثاقية التصويت على المشروع فما الذي استجد الآن؟
أوساط وزارية وسطية اعتبرت ان رافضي التمديد من السياسيين اما انهم لا يدركون خطر الفراغ الذي يقودون البلاد اليه فيما لو لم يمدد للمجلس، باعتبار ان الامر يحتم استقالة الحكومة وفي ظل الفراغ الرئاسي يتعذر اجراء انتخابات وهذه مشكلة، واما انهم يدركون ويعملون عن سابق تصور وتصميم لجر الدولة الى الفراغ الشامل ويسعون من خلاله الى مؤتمر تأسيسي لتغيير النظام وهو ما حذر منه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. واكدت المصادر ضرورة التوجه نحو اصدار موقف مسيحي موحد يضع في اولوياته المصلحة الوطنية ويتخلى عن المزايدات والدعوة الى المحافظة على احد مكونات الدولة الاساسية، المجلس النيابي، للانطلاق منه نحو اعادة انتاج سائر المكونات واكتمال عقد السلطة والمؤسسات الدستورية.
عليه، فان الكرة اليوم في الملعب المسيحي تضيف الاوساط الوزارية، حيث الجميع محشورون في «بيت اليك»، سواء قرروا الذهاب موحدين الى رفض التمديد ما سيعني الذهاب نحو مؤتمر تاسيسي سريعا، او في حال اقراره جماعيا ما يعني «غسل يد» مسيحية من تلك النتيجة. فكيف الحال في ظل الانقسام المسيحي القائم ومحاولة توريط فريق معين وتحميله وزر الفراغ المقبل؟
ولأن لا شيء مصادفة في السياسة، فقد شاء الرئيس بري ان يحشر الجميع يوم التاسع عشر من الشهر المقبل، ليفرض التمديد لمجلس النواب الاسبوع المقبل، اليوم ما قبل الأخير لولاية المجلس الممدد له، ما يعني عمليا في رأي الاوساط، أنه في حال لم تلتئم الجلسة ولم يتم التمديد لمجلس النواب، فعندئذ «يطير» المجلس و«يطير» رئيسه بالتأكيد، ولا يعود هناك مجال ليجتمع المجلس لينتخب رئيسا وتدخل الجمهورية في المجهول. يعزز تلك المخاوف ان الحل الترقيعي الذي يتمثل في مشروع التمديد للمجلس النيابي يواجه صعوبات شكلية، رغم عدم مقاطعة جلسة التمديد من القوى المسيحية الأساسية اقله حتى الساعة.
الا ان فرصة التاسع عشر من الوجهة الدستورية والوطنية، بحسب مراجع سياسية ستلزم جميع الكتل المقاطعة، لأن حصول فراغ نيابي سيحول نهائيًا دون انتخاب هذا الرئيس، ما قد يدخل البلاد في نفق مجهول، لا قدرة لاي طرف مسيحي على تحمل وزره.
في الصالونات السياسية تكثر التعليقات و«التمريكات» بين معلق على انقلاب الاستاذ على نفسه بالقول ان الطيور على اشكالها تقع في الاشارة الى علاقته بالبيك، وبين آخر ربط بين الـ19 صنفا من الطعام البيتي المميز على طاولة الرئيس بري يوم مالح العماد عون الاسبوع الماضي. فهل يفعلها بري الذي يحاول ان يخرج كمنتصر ايا كانت النتيجة؟