Site icon IMLebanon

دور برّي

في جلسة هيئة الحوار قبل يومين، جرى للمرة الأولى حوار دستوري في العمق بين الوزير بطرس حرب والرئيس نبيه برّي وتوسع ليشمل الوزير سليمان فرنجية أحد المرشحين الثلاثة ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، الحوار دار حول نصاب جلسة انتخاب الرئيس، وما إذا كان يوجد نص في الدستور يسمح للنائب بالتغيب أكثر من مرّة عن جلسة الانتخاب.

الوزير حرب الذي أثار هذه المسألة استند إلى مواد الدستور التي تنص على أنه في حال خلو سدة الرئاسة، لأي سبب كان يصبح مجلس النواب هيئة ناخبة ويجتمع فوراً لانتخاب رئيس للجمهورية على أن يكون النصاب مكتملاً بحضور الثلثين في الجلسة الأولى وبحضور النصف زائداً واحداً في الجلسات التي تلي، وبناء على هذا النص الواضح طالب الوزير حرب رئيس المجلس بالدعوة الى انتخاب رئيس جمهورية بأكثرية النصف زائداً واحداً بعد مرور شهر على دعوة النواب لحضور جلسات انتخاب الرئيس. وانطلق الوزير حرب في اقتراحه من أن انتخاب رئيس جمهورية هو واجب على النائب ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يعطل انتخاب رئيس الجمهورية وتبقى البلاد من دون رئيس كما هو واقع الحال لأن ذلك مخالف للدستور أولاً ومخالف للديمقراطية ثانياً، وهذا من شأنه أن يضع لبنان في سلم الانظمة اللاديقراطية في المنطقة أي الانظمة الديكتاتورية.

وكان ردّ الرئيس برّي، تكراراً لأقواله السابقة التي استند فيها إلى رأي هيئة مكتب مجلس النواب والقائل بأنه لا يمكن انتخاب الرئيس الا بحضور ثلث أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، وفي كل دورة يدعو إليها رئيس المجلس لانتخاب رئيس جمهورية، وهكذا أقفل الرئيس برّي النقاش مع الوزير بطرس غير المقتنع، وأقفل بذلك الباب أمام إمكانية انتخاب رئيس جمهورية، طالما أن حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاءهما قادرون على تعطيل النصاب وبالتالي منع مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية يوقف النزف في كل مرافق الدولة ويهدد سقوط الدولة كلها وفق التقارير المحلية والعربية والدولية التي تحدثت عن الخطر الدائم على لبنان في حال استمر الشغور في رأس الدولة.

موقف الرئيس برّي المعطل لانتخاب رئيس جمهورية استفز الوزير المرشح سليمان فرنجية وحمله على رفض هذا المنطق الذي لا يمت إلى الديمقراطية اللبنانية بأية صلة والذي يُشكّل مؤشراً على أن الرئيس برّي الذي يحاول في العلن ان يظهر بأنه من أشد المدافعين عن الديمقراطية هو من يطعنها في الظهر ويمنع من انتخاب رئيس للبلاد بالرغم من أن عدد الحضور في الجلسة الأخيرة تجاوز السبعين نائباً ويمكن أن يصل إلى الثمانين لو ان رئيس المجلس اعتبرها جلسة كاملة النصاب والأوصاف وفق ما نص على ذلك الدستور، فدخل الوزير فرنجية في نقاش مع الوزير جبران باسيل المكلف بالدفاع عن نهج عمه عون وتمسكه بالوصول إلى رئاسة الجمهورية ولو على حساب الجمهورية ليكشف هذا النقاش الذي دار بينهما عن عمق الهوة بين الحليفين الاستراتيجيين وليلقي الضوء على ما يخبئه المستقبل عند حزب الله والتيار العوني في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، ومستقبل هذا البلد.