الظاهرة السياسية الفريدة في لبنان أنَّ كلَّ معطى له ما يناقضه، وكل معلومة لها ما يعاكسها، وتزداد هذه الظاهرة في مراحل تشكيل الحكومات أو إنجاز التعيينات فتدخل الأسماء في أسواق البورصة السياسية، تماماً مثل ما هو حاصل اليوم على صعيد تشكيل الحكومة.
فبعد خمسة أسابيع على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، يبدو أنَّ بورصة التشكيل إستقرت على شاشة التوزيع وشاشة الأسماء.
حدث ذلك إثر الحلحلة التي قادها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعد استقباله رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه الذي بشَّر بأنَّ الأمور في طريقها إلى الحل، لكنه حدَّد حليفه في المعركة الحالية معلناً جهاراً أنَّ الرئيس بري هو حليفنا في هذا الموضوع.
ولكن مع حديث الحلحلة، بدا التصعيد في كلام رئيس تيار المردة، حيث غمز من قناة بعبدا قائلاً:
فبحسب ما يتم التعاطي معنا نتعاطى.
لكن التصعيد في بكركي قابله تنفيس في عين التينة التي زارها فرنجيه بعد بكركي، وكان سبقه إليها القيادي في تيار المردة المحامي يوسف فنيانوس الذي سمَّاه الوزير فرنجيه لتسلُّم حقيبة الأشغال.
هكذا ارتسم سيناريو التشكيل، ووفق هذه السيناريوهات، بات بالإمكان تظهير شاشة الأسماء وفق ما يلي:
حكومة من أربعة وعشرين وزيراً، بعدما كانت هناك محاولات في الأيام الأخيرة لرفعها إلى ثلاثين وزيراً لإرضاء مَن لن يُمثَّلوا في حكومة ال 24.
الحكومة المرتقبة تضمُّ إثني عشر وزيراً مسيحياً وإثني عشر وزيراً مسلماً.
الحقائب السيادية الأربع، وهي الدفاع والداخلية والمال والخارجية، ستكون من نصيب:
الدفاع من حصة الرئيس العماد ميشال عون الذي سيُسمي أيضاً وزيراً من الطاشناق ووزيراً سنياً أيضاً.
الخارجية من حصة التيار الوطني الحر وسيكون على رأسها رئيس التيار جبران باسيل.
الداخلية من حصة الرئيس المكلَّف سعد الحريري وقد حُسمَت لوزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق.
المال من حصة الرئيس نبيه بري وستبقى مع الوزير الحالي علي حسن خليل.
ومن حصة الرئيس بري أيضاً وزارة العمل التي ستُعطى له كبديل من وزارة الأشغال التي اعطاها لتيار المردة.
حزب الله ستكون له وزارتان: الصناعة والشباب والرياضة.
القوات اللبنانية ستكون حصتها:
نائب رئيس الحكومة، والإعلام التي سيتولاها ملحم رياشي. الشؤون الإجتماعية، ووزارة الصحة كبديل من وزارة الأشغال، وستُعطى وزارة السياحة للوزير ميشال فرعون واحتسابها من حصة القوات اللبنانية باعتبار أنَّ الوزير فرعون قريبٌ منها وحليف لها في الإنتخابات النيابية.
تيار المستقبل ستكون له أيضاً وزارة الإتصالات التي ستؤول إلى النائب جمال الجرَّاح، بالإضافة إلى الداخلية، كما أنَّ من حصته وزيراً مسيحياً هو الدكتور غطاس خوري.
حصة النائب وليد جنبلاط ستكون وزارة العدل التي سيتسلمها النائب مروان حمادة، ووزارة البيئة التي ستؤول إلى النائب أيمن شقير.
هذه هي المعطيات عن الحكومة في مراحلها الأخيرة، لكن هل هذه هي المئة متر الأخيرة في سباق التشكيلة؟
يبدو ان الغام المئة متر الاخيرة لم تُفكك بالكامل، لأنه لو فُككت لكان الرئيس المكلّف حمل التشكيلة بصيغتها النهائية الى قصر بعبدا.
السؤال: لماذا لم يحملها بعد ليعرضها على رئيس الجمهورية؟