لا صوت يعلو فوق صوت “المعركة الرئاسيّة” التي يكاد فراغها يختم شهره السادس، ولا سكوتٌ بعد اليوم عن الذين يغذُّون عملية الفراغ الرئاسي من تحت لتحت، مثلما يحرّكون دمى التعطيل والتأجيل من خلف الستارة.
لقد طفح الكيل وانفضحت أبعاد اللعبة، مثلما انفضح اللاعبون والذين يدعمونهم، كما الأسباب والعوامل الحقيقيَّة التي تحيط بهذه الفضيحة الوطنيَّة السياسيَّة المصيريَّة.
الكلام في موضوع الفراغ الرئاسي لم يعد يوفِّر هذا المتزعّم أو ذاك المسؤول. ولن تبقى المرجعيّات الروحيَّة والقيادات السياسيَّة معتصمة بالصبر والصمت والانتظار إلى ما شاء الذين يضعون العصي في دواليب الاستحقاق الرئاسي.
وأين يروحون من درب الجماهير الغفورة التي وصلت أضرار التأجيل والتعطيل والشلل شبه الشامل إلى لقمة العيش، وقِسط المدرسة، وحبّة الدواء، وقارورة الغاز، و…؟
لهذه الأسباب يميل المخضرمون إلى الاعتقاد أن غضبة البطريرك الماروني بشارة الراعي لن تكون مجرّد فشّة خُلق ضد مسبّبي الفراغ الرئاسي.
إنها رأس الشمّوط، وبداية الحملة المفتوحة على أولئك المتلاعبين بالمصلحة الوطنيَّة العليا، وبمصير الصيغة اللبنانيَّة، والنظام، ومواثيق العيش المشترك و… لبنان الواحد.
فإلى مَنْ يتوجّه الناس العاديّون والحائرون الضائعون بأسئلتهم عن الفراغ الرئاسي، وصانعيه، والمستفيدين منه، وموقف المرجعيّات والفاعليّات السياسيَّة من كل ما يجري؟
وَلَوْ، أَيُفْتى ونبيه برّي في عين التينة؟ فرئيس مجلس النواب يكاد يكون هو “الأب الروحي” للاستحقاق الرئاسي، ولهذا السبب تكاد اجتماعاته اليوميَّة تضرب الرقم القياسي.
فماذا لدى النبيه، وما عنده، وبماذا يُجيب سائليه في هذا الصدد، خصوصاً انه يعلم أكثر من كل الناس أن بقاء البلد بلا رئيس جمهوريّة يعرّضه يوميّاً لمزيد من الهزّات، والأقاويل، والشائعات، ولكل ما من شأنه صبّ الزيت فوق النار؟
زوّار عين التينة يخرجون من مكتب الرئيس بري بانطباعات مشجّعة، وبآراء مختلفة كليّاً عما يُشاع ويُذاع ويَملأ الأسماع.
والبعض لا يتردَّد في التأكيد “أن الأجواء في عين التينة تُنبئ فعلاً باقتراب موعد إدارة محرّكات البحث عن أسماء توافقيَّة، لوضعها تحت مجهر المواصفات الرئاسيّة المقبولة، توصُّلاً إلى اسم شخصية وطنيَّة جامعة لا تَحول أيَّة موانع دون تولّيها سُدَّة الرئاسة الأولى”.
للمرة الأولى، منذ “انطلاق” أزمة الفراغ الرئاسي في هذه الجغرافيا المُحاصرة بالنار والبارود، ينقل زوّار برّي عنه أنه يتطلَّع إلى توافق رئاسي قريب جداً، قبل نهاية هذه السنة”.
سمعت من الزوّار أيضاً أن رئيس المجلس يرصُد ظروفاً داخليّة وإقليميّة تُنْبئ بإشارات إيجابيّة، قد تشجّع على التوصّل إلى اختيار رئيس جديد. كلام يبشِّر بالخير، فهل يتكلّل بالتنفيذ؟