افسح تحديد الرئيس نبيه بري 20 نيسان موعدا جديدا لاجتماع طاولة الحوار في المجال امام مزيد من التشاور مع الكتل النيابية الرئيسية، بغية حمل بعضها المقاطع على التخلي عن شروطه، والمشاركة فيها تحت عنوان «تشريع الضرورة»
عقد جلسة عامة لمجلس النواب لن يجعلها الاولى في العقد العادي الاول الذي بدأ لاسبوعين خليا فحسب، بل الثانية في اكثر من سنة ونصف سنة بعد آخر جلسة عامة في تشرين الثاني المنصرم، امتنع البرلمان خلالها عن الانعقاد.
وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري سلفا عنوان الموعد المقبل لطاولة الحوار في 20 نيسان، وهو «تفعيل مجلس النواب». بيد انه يستبق هذا الموعد بموقف اكثر تصلبا في عدم امرار العقد العادي الحالي بلا اجتماع او اكثر للهيئة العامة. تبعا لذلك يقارب التئام مجلس النواب بموقف مختلف هذه المرة.
مذ شغرت رئاسة الجمهورية، تحدث بري عن جلسات «تشريع الضرورة» بغية ملء فراغ مماثل في السلطة الاشتراعية التي يتعذر عليها انتخاب رئيس للجمهورية بسبب انقسام المواقف من الاستحقاق ومرشحيه، ما انعكس تعطيلا كاملا لدوره. عندما طرح «تشريع الضرورة»، بغطاء كامل من هيئة مكتب المجلس، اذ تضع جدول اعمال الجلسة العامة المختصة بـ»تشريع الضرورة»، اقرن بري انعقادها بموافقة الكتل الرئيسية على الحضور، او في احسن الاحوال ــ دونما التخلي عن الاصرار على انتخاب رئيس للجمهورية ــ ايجاد تبرير مقنع لاجتماع البرلمان، والحؤول دون التسبب في مزيد من انهيار المؤسسات. وهي الحجة التي اتاحت اقرار القوانين المالية والنقدية قبل اربعة اشهر.
حينذاك تفهّم وجهة نظر بعض الكتل الرئيسية من تغيّبها، من غير ان يقتنع بتفسيرها لـ»الميثاقية» التي تسلحت بها، واخصها الكتل المسيحية وهي احزاب الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الى نواب مستقلين. الا ان بري تحدث مرارا امام زواره عن تفسير مختلف لـ»الميثاقية» التي كان السبّاق الى ايجادها لكن ليس في ملعب مجلس النواب، بل على ارض حكومة الرئيس فؤاد السنيورة على اثر استقالة الوزراء الشيعة عام 2006، ومنع مثولها امام البرلمان.
لا ننتقص من المقاطعين، وليس لهم الانتقاص من المشاركين
مرّ العقد العادي الاول في آذار 2015، ثم العقد العادي الثاني في تشرين الاول وامكن عقد جلسة يتيمة خلاله، واخفقت اكثر من محاولة للتوافق على عقد استثنائي ما بين العقدين العاديين المنصرمين من جراء الخلاف في حكومة الرئيس تمام سلام على صلاحية مجلس وزرائها اصدار مرسوم فتح عقد استثنائي لمجلس النواب لا يوقعه صاحب الصلاحية الجوهرية فيه رئيس الجمهورية.
لم يعد هذا الموقف ما يقول به رئيس المجلس اليوم. يتمسك بالتئام البرلمان في العقد الحالي اكثر من مرة، ولا يتوقف عند حجج المقاطعين، ويلمس في المقابل استعدادا من خليط كتل نيابية لا تفتقر الى اي من المكونات الاساسية التي يقول بري انها تصنع «الميثاقية». بل يجد شروط انعقاد مجلس النواب متوافرة في كل حين مذ بدأ العقد الحالي.
يدرج بري موقفه المستجد في الملاحظات الآتية:
1 ــ يصح التمسك بـ»الميثاقية» في المواضيع الرئيسية والاساسية، ولا تغطي التشريع في المواضيع العادية. يشير بذلك ضمنا الى حال مطابقة في السلطة الاجرائية لا يسع مجلس الوزراء تجاهلها، هي المادة 65 في الدستور، اذ ترعى 14 موضوعا اساسيا يحتم الاقتراع عليها بثلثي مجلس الوزراء نظرا الى اهميتها وبعدها الميثاقي. على نحو مشابه، يقول بري ان «الميثاقية ملزمة في اعمال مجلس النواب التي تتناول مواضيع اساسية كانتخاب رئيس الجمهورية وقانون الانتخاب والموازنة العامة والجنسية وانتخاب رئيس مجلس النواب وسواها مما يقتضي فيها حضور المكونات الاساسية للمجتمع اللبناني، فلا يسع اتخاذ قرار في اي منها في غياب فريق مسيحي او اسلامي تماما. اما في المواضيع العادية من التشريع، بدءا من تغيير اسم قرية ذهابا الى قانون الايجارات، فلا يصح ادراجها تحت عنوان الميثاقية، بل تخضع لنظام التصويت في مجلس النواب».
2 ـ يقول بري بتشبثه بـ»تشريع الضرورة» في ظل استمرار تعذر انتخاب رئيس للجمهورية تفادياً لتعطيل عمل مجلس النواب كليا. عندما يتحدث عن جلسة عامة، في مرحلة الشغور، يهمل الخوض في التشريع العادي وينأى بنفسه عنه، ويحصر اهتمامه بـ»تشريع الضرورة» كي يستخلص بذلك القول: «وحده جدول الاعمال يحدد انعقاد مجلس النواب. اذا لم يكن بين يدي اي مشروع قانون او اقتراح قانون يتطابق مع مفهوم تشريع الضرورة، فلا لزوم لعقد جلسة عامة. جدول الاعمال يفرض انعقاد الجلسة، لا مواقف الافرقاء الآخرين ولا تلويحهم بتعطيلها».
يضيف: «الدستور يفرض التشريع في كل حين، ولا يشترط حضور الكتل جميعا. ثم متى كانت الكتل النيابية كلها تحضر جلسة عامة؟ نحن في صدد تشريع تحتمه الظروف الاستثنائية ليس الا».
3 ــ تبعا للمعطيات المتوافرة لديه، يتحدث بري عن «نصاب طابش» لانعقاد مجلس النواب في العقد الحالي، عملا بما تنص عليه المادة 34 من الدستور، اذ تحدد النصاب القانوني لانعقاد الجلسة العامة ومباشرة اعمالها والتصويت على المشاريع والاقتراحات بالنصف زائداً واحداً. يضيف أيضاً: «قد يعتقد البعض ان ثمة حملة منسقة لتعطيل التئام الهيئة العامة. الصحيح ان ثمة حملة مضادة لتلك تحض على الاجتماع واستعادة مجلس النواب عمله بالحد الادنى تبعا لما هو متوافق عليه، اي تشريع الضرورة».
في المعطيات المتوافرة لدى بري ان غياب كتل محددة لا يفضي الى غياب المكونات الاساسية لـ»الميثاقية». يقول: «معظم الكتل قال انه سيحضر، بمن فيهم نواب منضمون في كتل رئيسية لا يجارونها في مقاطعة الجلسة. النواب الارمن سيحضرون، كذلك نواب زغرتا، نواب مستقلون قالوا انهم سيفعلون الامر نفسه. لن يغيب المسيحيون، ولا خصوصا الموارنة عن الجلسة. هناك موارنة ومسيحيون في الكتل التي تريد المقاطعة، لكن هناك ايضا موارنة ومسيحيون في كتل سواها تريد ان تحضر، شأنهم في كتلة المستقبل وكتلة النائب وليد جنبلاط وكتل الاحزاب. لا احد ينتقص من اولئك، لكن ليس لهم ان ينتقصوا من هؤلاء ايضا. الكتل الاخرى غير المسيحية ستحضر بدورها. النصاب طابش وحتمي اذا».
يختم بري: «انا ابو الميثاقية، فلا يعلموني إياها».