Site icon IMLebanon

بري يُلاعب المزايدين.. بـ «حلّ» البرلمان!

لعلّ أدق الأوصاف التي أطلقت على الرئيس نبيه بري، على كثرتها، هو ما أتاه من «الصديق اللدود» الرئيس فؤاد السنيورة، حين قال إن «الأستاذ» يجيد لعب «البليار».. فيلاعب الآخرين على «نقرات» خشبته، من طابة الى آخرى.

في هذه اللعبة بالذات ثمة ضربات تصيب الكرة المقصودة مباشرة، وثمة ضربات تقصد الكرة «الجارة» لإسقاط «الكنة» في «الجيب». بالأمس استخدم هذه التقنية ليصيب «ممانعي» التشريع. حرّيف «أبو مصطفى» في اختيار الزوايا التي يصوّب منها بوجه الجالسين قبالته، وليس من السهل معاركته على الأرض الأحب الى قلبه: برلمانه.

هكذا رفع بطاقته الحمراء بوجه الجميع حين أداروا ظهورهم، مهدداً بحلّ مجلس النواب طالما هو عاطل عن العمل لا بل متمرّد على واجبه التشريعي ولو من باب الضرورة.

ولكن عملياً، ليس بالمقدور صرف هذا التهديد بأي طريقة. يقولها الرئيس بري وهو مدرك تمام الإدراك أنّ هذا «الوعيد» لا يقرّش في السياسة ولا يؤخذ على محمل الجدّ. لا هو سيفعلها، ولا أحد سيحرجه بدفعه اليها. وإنما بالعكس قد يفرح «حليف الحليف» ميشال عون بهذه الهدية اذا ما قدمت إليه. وهذا ليس مقصد رئيس المجلس.

فالرجل أوضح أنّه سيطالب بحل المجلس حين يصار الى انتخاب رئيس للجمهورية، في دردشة على الواقف بينما يكون الأخير مستقبلاً مهنئيه! ومعلوم كما اتفقت القوى السياسية أنّ الاستحقاق الرئاسي سيستتبع حكماً بانتخابات نيابية تعيد إحياء البرلمان الذي أصابه صدأ التمديد. وبالتالي لا مجال للأحلام التغييرية في هذه اللحظات.

حتى اللجنة الفرعية التي أوكلت إليها مهمة صياغة قانون جديد للانتخابات، وقعت في مطب شراكة رئاسة الجمهورية، ومالت أكثرية «الطباخين» فيها الى طرح إشراك الرئيس الجديد في الطبخة لتكون له كلمته من هذا القانون.

كما أنّه في مطلق الأحوال، فإنّ مجلس النواب سيستعيد انتظامه فور انتخاب رئيس للجمهورية بعدما يكون الخلاف حول امكانية التشريع في ظل الشغور، قد انتفى وذهب مع الريح.

يعني عملياً، أنّ تهديد الرئيس بري لم يكن أكثر من مزحة ألقيت بأسلوبه المتمايز يغلّفه الجدّ، أو بالأحرى «لطشة» على مسامع من سدوا آذانهم ورفضوا مجاراته في حقن مجلس النواب بقليل من المقويات كي لا يخضع للموت السريري. إذ لم يعد السؤال بنظر نوابه، كيف يكون تشريع الضرورة، بل هل ثمة ضرورة للتشريع؟

قلّص الرجل طموحاته الى حدودها الدنيا، وقبل على مضض أن يختصر مجلس النواب دوره بما تيسّر من التشريع كي لا يكون التمديد مجانياً ويتسلل الشغور الى أروقته. ومع ذلك لم ينجح في إعادة أبنائه الى بيت الطاعة.

كثرت الطلبات والشروط وأُتخمت اللائحة، فطار الاحتمال الضئيل بأن يجتمع المجلس من جديد ويضع توقيعه على المشاريع الهامة. هكذا وقع الخلاف.. وزايدت الكتل المسيحية على بعضها البعض كي تغسل يديها من المشاركة التشريعية.

فحزب «الكتائب»، كما يقول نواب «كتلة التحرير والتنمية»، موقفه معروف لم يتراجع عنه منذ أنّ حل الشغور في القصر الرئاسي: لا للتشريع طالما أنّ سيبة السلطة مختلة التوازن.

أما كتلة «القوات اللبنانية» فلم تقفل الباب نهائياً وتركت لها خطاً للرجعة ولاقت لنفسها إخراجاً لا يحرجها ولا يحرج «التشريعيين». لكن «تكتل التغيير والإصلاح»، كان متحمساً لجلوس أعضائه في صفوف المشرّعين، وفجأة راح يمارس دلاله وغنجه حتى بات من الصعب إعادة المسيحيين الى القاعة الداخلية للبرلمان.

بنظر هؤلاء، أنّ حجة العونيين غير مقنعة، ذلك لأنهم يتسلحون بمطلب إدراج مشروع قانون استعادة الجنسية على لائحة الضرورة، مع أنّ المشروع لا يزال على طاولة اللجان النيابية قيد الدرس. فيما يردّ العونيون أنّه بامكان الرئيس بري لو أراد أن يقفز فوق هذا الحاجز لسحب الاقتراح وعرضه على الهيئة العامة.

بالنتيجة، يتبيّن وكأن هناك تعطيلاً كيدياً للمجلس، مع أنّ ثمة حاجة ملحة لفتح أبواب التشريع، كما يقول نواب «التحرير والتنمية»، حيث يفترض بالمدافعين عن المؤسسة العسكرية أن يكونوا في المقاعد الأولية للهيئة العامة، لا سيما أنّ وزير الدفاع الفرنسي تمنى أثناء تسليمه الدفعة الأولى من السلاح الفرنسي إقرار اتفاقيات التعاون بين باريس وبيروت في المجالين الأمني والعسكري كي تتمكن وزارة الدفاع الفرنسية من إجراء التدريبات اللازمة مع القوى الأمنية اللبنانية على الأسلحة المقدمة.. فكيف سيوازن «الممانعون» بين «مزايداتهم» وبين دفاعهم عن المؤسسة العسكرية؟