IMLebanon

يومان فاصلان في تحديد مصير مرج بسري… بين إنشاء السدّ والمحمية الطبيعية

 

يومان فاصلان بل حاسمان، يحدّدان مصير مرج بسري، بين الحِفاظ عليه كمحميّة طبيعية، كما يُطالب ثوار لبنان وجمعيات أهلية وناشطون بيئيون، وبين إقامة سدّ لجرّ المياه الى بيروت، كما يرغب سياسيون ومُتعهّدو بناء بتمويل من البنك الدولي، إستناداً إلى دراسات فنيّة وجدوى اقتصادية وبيئية أجرتها الحكومة اللبنانية، لتوفير مياه نظيفة لمنطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان، من دون النظر في تداعياته السلبية على البيئة والأحراج اللبنانية.

 

و”الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري” التي أعلنت الإستنفار العام للوقوف في وجه تنفيذ المشروع، بعد اعتقاد بأنّ صفحته طُويت مع ثورة 17 تشرين الأول 2019، فوجئت باستعداد المُتعهّد داني خوري لاستقدام آلياته ومعدّاته الى المكان لبدء التنفيذ، قبل انتهاء المهلة الأخيرة غداً الأربعاء، وبمواكبة أمنية، ما دفع بالثوّار والناشطين الى تفعيل تحرّكاتهم الإحتجاجية مُجدّداً، رفضاً لإنشاء السدّ وتدمير المواقع الحرجية والأثرية والبيئة، مُردّدين: “وزير الطاقة يُحاول إعادة إحياء صفقة سدّ بسري… فيما البلد يغرق بالعتمة”، فنصبوا الخيم، وأكّدوا أنّهم في اعتصام مفتوح، وسيواجهون كلّ المحاولات الهادفة إلى تشويه هذه المحمية الطبيعية، مُعتبرين أنّ مُحاولات إعادة إحياء الصفقة ستبوء بالفشل”، مُذكّرين بأنّ زلزال لبنان العام 1956 كان مركزه منطقة بسري”.

 

المعوشي: لن نسمح بإنشاء السدّ

 

وتقول الناشطة في الحراك الإحتجاجي نوال المعوشي لـ”نداء الوطن”: “إنّ الجرافات لن تعبر إلّا على أجسادنا، وسنتصدّى لمحاولة إعادة العمل بالمشروع اذا استطعنا، فالوقت يضيق، والمهلة تنتهي يوم الأربعاء حيث سيضطرّ البنك الدولي الى تحويل الدعم المالي الى مشروع إنساني إجتماعي آخر في لبنان”، مُضيفة: “قرارنا واضح، لن نسمح بإنشاء السدّ لأنّه سيُدمّر الطبيعة، سيرتكبون مجزرة بيئية بقطع الأشجار وتحويل المكان الى اسمنت بلا روح أو حياة. لذلك، فإن الناشطين سيواصلون اعتصامهم المفتوح في المنطقة”، قبل أن تردف: “لكّننا نخشى من مواجهة، إذ أن المتعهّد ينوي استقدام آلياته ومعدّاته بحراسة أمنية، ونخشى استخدام العنف ضدّنا”.

 

إعتصام مفتوح

 

ويؤكّد ناشطون بيئيون أنّ ما يُميّز الإعتصام المفتوح، هو مشاركة وفود من مختلف المناطق اللبنانية، بما فيها مدينة صيدا، وتحت ظِلال العلم اللبناني، حوّلوا المكان منبراً مفتوحاً للحوار وشدّ العزيمة، ورفعوا يافطات لخّصت مطالبهم ومنها “لا للسدّ.. لا للمحمية الإقطاعية”، مرج بسري.. أرض خصبة يزرعها الناس قمحاً وغِلالاً يكفي الآلاف شرّ الجوع والذلّ”، “بحيرة القرعون كلها سموم”! “أهالي البقاع يشيّعون على الأقل قتيلاً بالسرطان يومياً”، “السرطان يقتل أهالي البقاع بأربعة أضعاف المعدّل العام في لبنان”، “البنك الدولي راعي الفساد”، “السدود مشاريع للنهب والتدمير.. وليست لتأمين المياه”، “من يُحاكمكم على جرائمكم البيئية والصحّية بحقّ الناس”؟ و”أنقذوا مرج بسري”!

 

أسباب الرفض

 

ويقول نائب رئيس “الحركة البيئية” في لبنان، وأمين سرّ “تجمّع المؤسسات الأهلية” في منطقة صيدا فضل الله حسّونة لـ”نداء الوطن”: “منذ عامين، ونحن نقول للسلطة فليكن مؤتمر علمي هو الفيصل بيننا في تحديد مصير سدّ بسري، ولكنّهم ما زالوا يرفضون ذلك، ويُصرّون على تدمير البيئة”، مُضيفاً: “ثلاثة اسباب تدفعنا الى رفض المشروع، السبب الأوّل: من حقّ بيروت أن تتغذّى بالمياه النظيفة، وهذا من مسؤولياتنا ايضاً، ولكنّنا لا نوافق على أن تشرب بيروت مياهاً ملوّثة ومُسرطنة، كما حال الليطاني. السبب الثاني: نرفض تدمير البيئة، فمرج بسري محمية طبيعية ويُمكن أن تتغذّى بيروت من مصادر مياه أخرى اكثر قُرباً منها مثل جعيتا، ولا تُحدِث أضراراً سلبية. والسبب الثالث: نخشى من فالق زلزال روم في المنطقة في حال انشاء السدّ وتحرّكه ستحدث كارثة وينفجر وتغرق المنطقة، ناهيك عن أنّ جرّ المياه الى بيروت سيؤدي الى حبس المياه عن نهر الأوّلي وبالتالي سيؤثّر على ري المزروعات على امتداده”، مُشدّداً على أننا “نقول لا ليس بهدف المعارضة فقط، وانّما من أجل تحقيق مصلحة الوطن، وليكُن مؤتمر علمي فيصلاً في الحسم”.

 

دعم سياسي

 

وتحرّك الناشطين البيئيين في بسري ليس متروكاً لوحده، إذ يحظى بدعم نواب وقوى سياسية، وسط تأييد من نواب المنطقة، حيث كشف النائب جورج عدوان، الذي زار المنطقة مُتضامناً وعقد مؤتمراً صحافياً في كنيسة بسري، بأنّ “الأكثرية الساحقة منهم ستوقّع عريضة اعتراض، سيوقعّها رؤساء البلديات والمخاتير لنقول للداخل والخارج إننا لا نُريد السدّ وهو لا يستوفي الشروط البيئية، وليعلموا انّه عندما نُقرّر أمراً نذهب فيه حتى النهاية “ما في سدّ يعني ما في سدّ”، قائلاً: “يجب وضع حدّ للمُمارسات غير القانونيّة التي تهدر المال العام وسدّ بسري “ما رح نخلّي يكفّي”، مُضيفاً بأن “المياه التي يُريدون تأمينها لبيروت آتية من القرعون ورئيس مصلحة الليطاني أكّد أنّ البحيرة ملوّثة بشكل لا يُمكن إصلاحه قبل 7 سنوات”. مُتسائِلاً: “جربتم السدود وكلّفت نحو المليار دولار، فهل نجحت سياسة السدود؟