IMLebanon

مشروع سد بسري: ما الذي يخفيه كل هذا التوتر؟

   

 

«التوتر» هو ما يسم كل المعنيين بمشروع سد بسري، حكومةً ومجلسَ إنماء وإعمار ومموِّلاً… وهو، هنا، البنك الدولي «ما غيره». توتر يجعل مشروعاً التساؤل عمّا يخفيه هذا الإصرار الهائل على مشروع يواجه كل هذه المعارضة التي تستند إلى دراسات علمية. اللافت أنه، بحسب منسّق الحملة الوطنيّة للحفاظ على مرج بسري، رولان نصّور، «للمرة الأولى يحظى مشروع للبنك بهذا القدر من التسويق من قبل إدارته (ممثلة بنائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج)، سواء لدى السياسيين في لبنان، أو في محاولة إخفاء دراسات وتحوير حقائق تحت حجة رأي الخبراء المستقلّين… كذلك فإنها المرة الأولى التي يطلق فيها البنك حملة دعائيّة مدفوعة لمشروع يموّله، بعنوان: بيروت عم تعطش… وباعتبار أن 1.6 مليون فرد في بيروت وجبل لبنان سيحتاجون للمياه النظيفة بحلول 2024!».

ويسم التوتر تصرفات مجلس الإنماء والإعمار، الشريك في مشروع السدّ، إذ «تهرّب من مناظرة علنيّة حول مخاطر السد دعت إليها نقابة المهندسين في بيروت، وتأخّر في نشر الدراسات التي بحوزته حول المشروع، قبل أن ينشرها أخيراً – بعد حملات ضغط – ليتبيّن أنها تعود لعشرات السنوات». التوتّر يظهر أيضاً في «التهديد بالقتل والاعتداء بالضرب والإفراط الهائل في استخدام القوة، واستقدام شركة أمنيّة صاحبها عضو في المجلس، وله انتماء حزبي معروف».

نصّور نفسه كان قد تعرّض قبل شهور لاعتداء جسديّ خلال نشاط بيئي نظّم في مرج بسري للتوعية على أهميته، وتحذيراً من مخاطر السدّ. وجاء كلامه خلال ندوة بعنوان «التوتّر والتهوّر والتدمير والعنف، كلّها دلائل العجز: قضيّة سد بسري مثالاً»، نظّمتها أول من أمس، مصلحة البيئيّات في حركة «مواطنون ومواطنات في دولة»، في مركزها في بدارو، وشارك فيها الأمين العام للحركة الوزير السابق شربل نحاس.

كرّر نصّور ما سبق أن فنّدته الحملة خلال تحركاتها حول أضرار السد ومخاطره، شارحاً «أن المشروع سيدمّر 6 ملايين متر مربع بين الشوف وجزين، بينها أراضٍ زراعيّة وأحراج صنوبر وسنديان، ومرج بسري الذي يشكّل امتداداً لمحميّة أرز الشوف، بحسب الخطة اللبنانية لترتيب الأراضي، وهو ثاني أهم موئل للطيور المهاجرة بعد مستنقعات عميق. فضلاً عن «تأثير المشروع في مجرى نهر الأولي الذي كان يغذّي منطقة صيدا». ولفت إلى «أن السد سيجمع نحو 125 مليون متر مكعب من المياه، على ملتقى فالقي روم وبسري، علماً أن الأول سبّب الزلزال الذي ضرب لبنان عام 1956 ودمّر 6 آلاف منزل». وعن ذريعة توفير سد بسري حلاً لمصادر المياه في بيروت الكبرى، ذكّر نصّور بأن «نبع جعيتا هو المصدر الأول للمياه في بيروت الكبرى، غير أن قناة جعيتا – ضبية تلامس فيها نسبة الهدر الـ40%. وبدلاً من التفكير في إصلاح الشبكة الموجودة وتحسينها، يتّجهون إلى إنشاء المزيد من السدود، وقد بلغ عددها إلى البرك الجبليّة 45 في لبنان». ولفت إلى دراسات حديثة يجري تجاهلها، بينها دراسة الـUNDP (برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في لبنان) عام 2014، التي أشارت إلى أن 80% من مياه لبنان موجودة في الخزانات الجوفيّة»، وهذا يخالف الاعتقاد السائد بأن الخزانات الجوفيّة مستنزفة في لبنان، وأن المياه باتت مالحة.

 

للمرة الأولى يحظى مشروع للبنك الدولي بهذا القدر من التسويق ومحاولة إخفاء الدراسات!

 

الحلول البديلة يمكن استخلاصها من دراسة أعدّها المعهد الفدرالي الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية (BGR) عام 2014، خلُصت إلى «أن الاستثمار الأكثر استدامة هو في حماية مصادر المياه النقيّة بدلاً من تنقية أو استجرار المياه إلى بيروت من مصادر أخرى بعيدة»، وأكّدت «ضرورة حماية مياه نبع جعيتا لكونها تستطيع توفير ما يكفي من مياه لبيروت الكبرى».

«كيف تكون هذه كلها إنجازات التي يجري التسويق لها بالتهديد والاعتداءات؟»، سأل نحّاس. وتساءل أيضاً عن سبب «دفع البنك الدولي، للمرة الأولى في لبنان، كلفة الاستملاكات نقداً! وهي بقيمة 150 مليون دولار، فيما يُرصد للمشروع 600 مليون دولار، بما فيه القرض من البنك الذي مرّر قانونه في المجلس النيابي… والمشاريع مستمرة في جنة وبلعة بالنمط نفسه».

وشدد على أنْ «لا فصل بين القضايا البيئيّة والسياسة»، وينبغي التعاطي «مع المسألة البيئيّة كساحة قد تكون أساسية في مواجهة المنظومة السياسيّة». كذلك شدّد على «أنّنا لم نصل في لبنان إلى أزمة حقيقيّة في المياه كما يجري تصوير الوضع… بدليل أنه بعد باريس 2 نفّذ مشروع للمياه في طرابلس وتوافرت المياه في المدينة».