Site icon IMLebanon

قصّة مرج بسري والزلازل ؟!

 

 

بعدما عاد الحديث بقوّة حول موضوع مرج بسري، بين سلطة مصرّة على تنفيذ مشروع انشاء سدّ في ارض مرج بسري، وبين اهالي المناطق القريبة من المرج في قضاءي جزين والشوف، والمجتمع المدني، وشباب انتفاضة تشرين، وجدت من الضروري التوسّع قليلاً في هذا الموضوع الذي عشت جانباً منه عام 1956.

 

الجميع تقريباً يعرف ان لبنان معرّض للهزّات الارضية والزلازل، منذ آلاف السنين، بعضها كان مدمّراً، وبعضها كان متوسطاً ويكتفي باضرار مادية.

 

الخبراء اللبنانيون يعرفون هذا الأمر، ويعرفون ان لبنان معرّض لفالقين رئيسيين يسببان عند حصولهما بدرجة مرتفعة على كثير من الدمار والقتلى والجرحى، الأول يدعى فالق اليمّونة، وهو يمرّ في سهل البقاع والقرى والبلدات المحيطة به، والثاني هو الفالق البحري ويتمدد غرباً على طول الشاطئ اللبناني، ويتفرّع عنهما فوالق جانبية اهمّها فالق بلدة رومم في قضاء جزين والقريبة من مرج بسري، وقد حصل في شهر آذار من عام 1956، زلزال بقوّة 7 درجات على مقياس ريختر، هدم وصدّع حوالى 30 الف بيت في منطقتي جزين والشوف وجانب من عاليه والبقاع الغربي، وقتل حوالى 100 شخص وجرح كثيرين، وجميع القرى القريبة من مرج بسري، اصيبت بأضرار جسيمة في المنازل، واضطرت «مصلحة التعمير» التي انشئت يومها لمعالجة الكارثة، وكانت برئاسة النائب المرحوم اميل البستاني، الى بناء بيوت جديدة بدلاً من البيوت المهدّمة في منطقة بعيدة نسبياً عن مرج بسري تخوفاً من حصول هزّات او زلازل، ولا تزال حتى اليوم تعرف باسم «بيوت التعمير» والأمر ذاته حصل في مناطق أخرى من اقليم الخرّوب.

 

من هنا يتخوّف ابناء منطقتي الشوف وجزين من بناء سدّ في مرج بسري بمثل ما يتخوّف اهالي بلدة المعنية، وجميع القرى والبلدات الواقعة تحت مرج بسري، من حصول زلزال مدمّر وانهيار السدّ الذي سيغمر في طريقه هذه القرى والبلدات، اضافة الى ان مرج بسري يعتبر من المروج الفائقة الجمال، بأشجاره المعمّرة والمثمرة وبتنوّع ازهاره وطيوره، ووجود أماكن اثرية تستحق المحافظة عليها.

 

* * * *

 

على الرغم من تمسّك السلطة بهذا المرج، خلافاً لما يطالب به الناس، ومجلس الوزراء أكّد امس هذا التمسّك، وحجّته انه انفق 350 مليون دولار لقاء تعويضات للأهالي، الاّ ان الاتصالات المكثفة التي اجراها الخبراء في الزلازل وفي البيئة، وناشطون في المجتمع المدني وانتفاضة 14 تشرين، مع البنك الدولي الذي موّل هذا المشروع، قد اقنعت المسؤولين في البنك الدولي بتجميد الاموال الباقية من القرض، واستخدامها في حالات اخرى اكثر الحاحاً، علماً – وهذا هو الأهم – ان الخبراء كانوا دائماً ينصحون بعدم بناء منازل، او مؤسسات، أو سدود في مناطق تعتبر زلزالية او قريبة من الفوالق الرئيسية، وتلك المتفرّعة عنها، ولكن الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة كانت ترفض هذه النصائح.