رهان عون و«حزب الله» على مفاعيل الإتفاق النووي للوصول إلى سدّة الرئاسة خاطئ وفي غير محلّه
محاولة لإدخال لبنان في مغامرة غير محمودة وإطالة أزمة الرئاسة إلى وقت غير معلوم
إرتكاز «حزب الله» و«التيار العوني» إلى معادلة الاستقواء بمفاعيل أي اتفاق نووي محتمل لفرض واقع سياسي جديد بالداخل اللبناني سيطيل أزمة الإنتخابات والفراغ في سدة الرئاسة
ترى مصادر نيابية بارزة في تحالف قوى 14 آذار أن رهان «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» وبعض قوى الثامن من آذار على تبدّل محتمل لموازين القوى السياسية المحلية جراء احتمال التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والقوى العظمى، لفرض مرشحهم لرئاسة الجمهورية فرضاً، أكان النائب ميشال عون أو غيره، هو رهان في غير محله ومبالغ فيه بعض الشيء، لأن مثل هذا الاتفاق في حال حصوله لن يؤدي الى تبدل سريع وجذري في موازين القوى السياسية القائمة في المرحلة الحالية، مهما تم الترويج السياسي والإعلامي لمثل هذا التأثير المضخم ومحاولة الحزب وحلفائه الاستقواء به لتحقيق مكاسب بالتهويل المعهود، أو بالترهيب المعتاد، كون أي محاولة من هذا النوع لن تقابل بالقبول والرضى من الأطراف السياسيين الآخرين وستؤدي إلى اهتزازات سياسية وأمنية تطيح بالاستقرار النسبي السائد حالياً وتزيد من التعقيدات والصعوبات التي تلف مسألة الانتخابات الرئاسية أكثر من أي وقت سابق.
ومن وجهة نظر المصادر المذكورة فإن ارتكاز «حزب الله» و«التيار العوني» إلى معادلة الاستقواء بمفاعيل أي اتفاق نووي محتمل لفرض واقع سياسي جديد بالداخل اللبناني، لن يسرع عملية انتخاب رئيس للجمهورية، بل سيطيل أزمة الانتخابات والفراغ في سدة الرئاسة إلى وقت غير معلوم، لأن كل الأطراف الرافضين للانصياع لمثل هذه المعادلة لن تبدل موقفها بين ليلة وضحاها ولن تنصاع للضغوطات كما يتوهم البعض بذلك، بل سترفض رفضاً قاطعاً إيصال أي مرشح محسوب على النظام الإيراني لسدة رئاسة الجمهورية، لأن معظم اللبنانيين يرفضون ويعارضون مثل هذا الخيار، ولأن ذلك سيؤدي الى اعتبار لبنان جزءاً من الحلف الإيراني في المواجهة القائمة مع الدول العربية حالياً وهذا لن يكون في صالح لبنان واللبنانيين عموماً وسينعكس ضرراً بالغاً لا يمكن التكهن بنتائجه وتداعياته السلبية.
وفي اعتقاد المصادر النيابية البارزة فإن الترويج الاستباقي لانعكاسات ما للاتفاق النووي الايراني لصالح «حزب الله» ورحلفائه بالداخل اللبناني ولإحداث تبدلات إن كان بالنسبة للرئاسة الأولى، أو لإرساء معادلة سلطوية جديدة أو تبدّل ولو محدود في صيغة النظام اللبناني المرتكزة لاتفاق الطائف، في ظل الرفض العربي للاتفاق النووي وخصوصاً الخليجي واستمرار التدخل الإيراني العسكري والسياسي في شؤون العديد من الدول العربية كما هو سائد حالياً، سيؤدي الى بقاء الوضع اللبناني عموماً متأثراً بشكل أو بآخر بنتائج وتداعيات المواجهة القائمة، لارتباط لبنان بالعالم العربي وكونه جزءاً لا يتجزأ منه برغم كل محاولات ضمه للحلف الإيراني، وأي محاولة جدّية لتبديل الواقع السياسي القائم بالقوة، استناداً لنتائج الاتفاق النووي ستدخل لبنان في نفق مظلم يصعب التكهن بكيفية الخروج منه أو تجاوزه في ظل الحرائق والحروب المشتعلة في سوريا وغيرها وتأثيرها على الداخل اللبناني برمته.
وتُشير المصادر النيابية المذكورة إلى ان تجربة استعمال القوة والترهيب فشلت عام 2010 عندما فرض «حزب الله» ونظام الأسد قبل قيام الثورة الشعبية ضده تأليف حكومة نجيب ميقاتي بالقوة متجاوزين موازين القوى السياسية التمثيلية بانتخابات عام 2009، الأمر الذي أدى إلى توترات سياسية وأمنية امتدت على أكثر من منطقة لبنانية وارتدادات سلبية على الوضع العام وتراجع الدورة الاقتصادية وفشل الحكومة في كل المجالات برغم كل جرعات الدعم والاستقواء اللامحدودة التي أعطيت لها، في حين ان تشكيل الحكومة الحالية برئاسة تمام سلام استناداً إلى موازين القوى القائمة أحدث فرقاً شاسعاً وأدى إلى تقليص التوترات القائمة إلى الحد الادني ووقف حروب الاستنزاف في طرابلس وغيرها وأعاد تحريك الدورة الاقتصادية بالحد المقبول برغم الشغور في سدة الرئاسة الأولى واستمرار انغماس «حزب الله» بالحرب الدائرة بسوريا وتداعيات هذه المشاركة على الداخل اللبناني والخارج معاً.
وتستبعد المصادر النيابية البارزة تكرار تجربة الترهيب بالسلاح وبنتائج ومفاعيل الاتفاق النووي المرتقب لفرض رئيس للجمهورية بالقوة، لأن مثل هذا الخيار واللجوء إليه في ضوء التجارب السابقة وخصوصاً تجربة تشكيل حكومة ميقاتي أثبت فشله، وتكراره ليس بالخيار السهل والصائب كما يتوهم البعض، لأنه يُشكّل مجازفة غير محمودة النتائج قد تطيح بكل شيء ولا يستطيع أحد ضبطها أو التحكم بنتائجها وبنهاياتها المأساوية المدمرة، في حين يبقى الخيار الأفضل للجميع إسقاط رهانات الاستقواء بمفاعيل الاتفاق النووي أو غيره للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى واستبداله بالتفاهم على شخصية لا تنتمي إلى هذا الحلف أو ذاك وترضي كل الأطراف بدون استثناء. وهذا الخيار سيقلص فترة الانتظار وينهي الأزمة الرئاسية في أمد قريب، الا إذا كان خيار إبقاء لبنان بدون رئيس هو الهدف المرتجى لتعطيل انتخابات الرئاسة إلى ما شاء الله، وعندها لن تفلح كل المساعي والجهود المبذولة لإخراج هذا الاستحقاق الحيوي والاساسي لانتظام السلطة في لبنان من عباءة «حزب الله» وحلفائه تحت حجج وذرائع لم تعد تقنع احداً إلا إبقاء لبنان بحال الفراغ الرئاسي والسلطوي خدمة لاهداف ومخططات الحزب الإقليمية.