الجميع في انتظار عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف ليبنى على الشيء مقتضاه دستورياً، فابو مصطفى الذي اعلن عشية مغادرته الى العاصمة السويسرية ان في«جيبه الكبيرة مفتاح تعطيل الجلسة ولكنه لم ولن يفعلها»، واردف في موقف آخر تأكيده على جلسة الاثنين المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية مؤكداً ان «الجهاد الاكبر» يبدأ بعد ذلك وسبق له التمييز بين «شهر العسل واكل العسل» وفق اوساط نيابية، لا سيما ان بري اعتبر ان الرئيس سعد الحريري قد غدر به وطبخها رئاسياً بشكل ثنائي بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» وقد تولى ذلك وزير الخارجية جبران باسيل ونادر الحريري مستشار سيد بيت الوسط، فكان من الطبيعي اعلانه الانتقال الى صفوف المعارضة قبل ان يبدأ العهد العوني الا اذا حصل ما ليس في حسبان احد.
وتضيف الاوساط ان رهان البعض على تليين موقف رئيس مجلس النواب بتدخل من «حزب الله» لتحقيق اجماع على انتخاب الجنرال ميشال عون ضرب من الوهم وحلم ليلة صيف، كون بري لم يتراجع في مواقفه عن اي سقف يرسمه، فالرجل يدعم وصول النائب سليمان فرنجية الى الرئاسة الاولى ولو على دمه، ومن هذه الزاوية يسود فرح حذر اوساط الرابية فخصومة بري ليست سهلة كونه يمهل ولا يهمل وكلامه «لا تجدبوني» لا يزال يتردد قوياً في الاروقة السياسية. من هذه الزاوية لن يتدخل «حزب الله» معه لتقديم تنازلات تصب في مصلحة عون، لا سيما ان الحزب وفى بكل تعهداته لعون وما يهمه اولاً واخيراً معالجة ايّ شائبة في العلاقة بينه وبين حركة «امل» في احدى اكثر المراحل استثنائية ودقة على صعيد المنطقة التي تزداد التهاباً في حرب المئة عام وفق المراقبين.
وتشير اوساط المطرودين من «التيار» الى ان معظم مواقف باسيل كانت جلابة مصائب لعون وقد راكمت له خصومات قد يصل منسوبها الى حدود العداء ومنها على سبيل المثال لا الحصر نسفه طاولة الحوار في عقر دار بري علماً ان البند الاول في جدول اعمالها ادرج لمعالجة الشغور الرئاسي للخروج من النفق، وذلك بحجة الميثاقية المزعومة التي رفعها التيار البرتقالي كقميص عثمان، ولن يغفر بري للجنرال الذي نطق بفم باسيل كون نسف الطاولة كان تحدياً لبري في قلب بيته، اضافة الى ان المواقف التي اطلقها فرنجية في اطلالته التلفزيونية تشير بشكل واضح الى حجم الخصام الكبير بينه وبين الجنرال والذي لامس بفضل باسيل حدود العداء، فزيارة فرنجية له في دارته ببلدة البترون وما احاط بها اثر ترشيح الحريري له قبل ان ينتقل لترشيح الجنرال كانت الشرارة التي احرقت هشيم العلاقة بين الطرفين، واطلقت الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي بين «المردة» و«البرتقالي».
وتقول الاوساط ان فرنجية في اطلالته الاعلامية كان شبيهاً بالاسد الجريح وصريحاً حتى الفجاجة حيال علاقته مع حلفائه واصفاً «حزب الله» بـ«كثرة الاخلاق، اما قلة الاخلاق فمعروفة عند من»، معلناً رفضه الصعود الى القصر الجمهوري لتهنئة عون بل سيلتقيه في المجلس النيابي، مضيفاً انه سيخوض معركة الرئاسة لا حباً بها بل لان المسألة مسألة كرامة بالنسبة اليه. ولعل اللافت بمكان ان السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد تجول على المعنيين بالرئاسة لدعم ترشيح فرنجية دون ان تغفل لازمة المهم ملء الشغور كون المجريات السورية باتجاه التصعيد مع تداخل حرب الموصل مع الرقة لاقتلاع «داعش» بعدما اعلن وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر البدء بحصار الرقة ورفضه اشراك روسيا بها ما يعني رسم مناطق النفوذ في سوريا وتقسيمها. فهل تنهي الجلسة المرتقبة الشغور الرئاسي وهل هي دورة اولى ام ثانية؟ الجواب يبقى في جيب برّي.