Site icon IMLebanon

رهان على تجربة الحراك المدني.. في السياسة

«8 و14 آذار» من الماضي.. والأحزاب أسيرة التوريث

                                      رهان على تجربة الحراك المدني.. في السياسة

تصارع الطبقة السياسية اللبنانية في الدفاع عن وجودها. تستخدم كل السلاح المتاح: السلطة، المال، الإعلام.. وما تيسّر من أدوات اعتادت استخدامها. لكن التمعّن جيدا في واقع معظم الاحزاب والقوى السياسية، يكشف عن أزمة حقيقية تواجهها جميعا.

تحللت قوى «8 و14 آذار». صارت تجربة من الماضي. عاد كل فريق وحزب ومستقل وطامح الى قواعده الحزبية والطائفية والمناطقية وحتى الفردية والمصلحية. تحصل بعض الخروقات الشكلية بين فترة وأخرى. يصدر بيان، يُسجل موقف، يعلن عن مبادرة أو تجمع أو لقاء، إلا أنها جميعا تندرج في باب «الصحوات» التي يليها سبات طويل.

أما الاحزاب فليست أفضل حالا. فبين «الرئيس الأبدي»، كحال «حركة أمل» و«حزب الله» و«القوات اللبنانية» و«المستقبل»… وبين «الوريث الشرعي والوحيد»، كما في «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب» و«المردة» و«التيار الوطني الحر»، أقفلت الاحزاب أفق أي تجدد فيها. حتى الوجوه الجديدة التي يتم تقديمها على استحياء احيانا، سرعان ما تكرر الخطاب نفسه والحجج نفسها والمنطق المستهلك ذاته.

لا تشذّ الاحزاب «العلمانية» عن ذلك الخطاب الخشبي والمنطق المتهالك. من «الحزب الشيوعي» الى «القومي الاجتماعي» و«البعث» بأجنحته المتكسرة. لا مراجعة نقدية، لا فكرة لمّاحة أو مبادرة، لا مقاربة متجددة، لا مشاريع أو رؤى، لا ادارة ولا ارادة، ولا حتى حلول بسيطة لأزمات يومية بسيطة…

باختصار، لا سياسة. هي ثرثرات فوق أزمات متراكمة.

ووسط هذا الخواء والأفق المسدود، اهتم عدد من البعثات الديبلوماسية الغربية بالحراك المدني والوجوه الشابة التي راحت تبرز فيه. فالدول الغربية التي ساهمت في دعم عدد كبير من جمعيات المجتمع المدني ومؤسساته المتنوعة الاهتمام والاختصاص منذ عقود، تابعت بعين المراقب حراك شبان ذاك المجتمع وشاباته. اهتمت بالتدقيق بمطالبهم والإصغاء بانتباه للغتهم السياسية والمطلبية.

ولأن الدول خبيرة في تعقيدات الشأن اللبناني ورسوخ طبقته السياسية وانقساماته الطائفية، لم تتضمن مراسلاتها مع المعنيين في دولها، على ما يقول مطلعون، رهانات كبيرة على التغيير وقلب الموازين. لكن «تحركات الناس وحيوية بعض الشباب واندفاعهم لإحداث تغيير إيجابي، جعلت بعض الدول تتابعهم عن كثب، علّهم يتمكنون من إحداث خرق ولو محدوداً في مفاهيم السياسة في لبنان وممارستها»، بحسب أحد المستشارين في دولة غربية يرى أن «خلفية هذا الاهتمام حرص على لبنان وصموده. فهذا البلد يحتاج الى سياسيين من نوع مختلف يتحسسون اهتمامات الناس ويقيسون الامور بمقاس المصلحة العامة لا على مقاس مصالحهم».

ومع ذلك، في نظر بعض المخضرمين في السياسة، فإن اللحظة مؤاتية لإفراز نخب شبابية سياسية جديدة. يقول أحدهم «الأحزاب والقوى السياسية استُنفدت. جمهورها محدد وممسوك بعصبيته الطائفية أساسا. وحتى هؤلاء يبحثون عمن يحمل خطابهم اليومي ومطالبهم. السياسيون التقليديون يصارعون على أكثر من جبهة لبقائهم على الساحة، ولن يطول صمودهم. الحاجة تزداد الى وجوه جديدة بخطاب جديد يحاكي اهتمامات الناس. هي فرصة يجب اقتناصها والبناء عليها من دون مبالغات أو ادعاء».

يعتقد السياسي المخضرم أن «أهم خطوة لإحداث خرق على هذا المستوى يكون بقانون انتخاب نيابي عادل يعتمد النسبية أساسا. لكن لا تستقيم الأمور بوضع العربة أمام الحصان. لذا لا بد من الضغط لانتخاب رئيس جمهورية اولا، والضغط من أجل تعيين حكومة تكنوقراط تنكب على وضع تصورات حلول في فترة قياسية وتشرف على انتخابات نيابية بشفافية عالية، وعلى أساس نسبي».

لا يعني ذلك طبعا أن الطبقة السياسية ستتغير وستنقلب المقاييس. لكن يمكن لشبان ناشطين وواعدين تقديم خيار ثالث للناس بين «الحرامي» و «الحرامي» بحسب وصف النواب لأنفسهم. بالتالي يكون الناس شركاء في تحمّل مسؤولية خياراتهم ونتائجها.