IMLebanon

الرهان يكبر على انتخابات رئاسية تتخطى العناد الإيراني والموافقة السعودية

التفاؤل الذي عممه موقفان، واحد للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله وآخر للرئيس سعد الحريري صدر كرد فعل عليه، يدفع بسياسيين كثر الى الرهان على ان لبنان قد يشهد خروجا من جموده السياسي في اتجاه حصول انتخابات رئاسية قريبا، على رغم ان لا تحرك عمليا في هذا الاتجاه، اقله علناً، فيما يتصرف الجميع على ان هذه المواقف كانت جيدة بمعنى تهدئة الاجواء والتمهيد لمراحل تسوية آتية . جملة عوامل يبني عليها هؤلاء السياسيون رهانهم :

إن اللعبة السياسية في لبنان قد تكون خرجت من اطار التجاذب الذي يتوقعه او يفترضه السياسيون اللبنانيون،بين المملكة السعودية وايران، وهم حتى الان كانوا في انتظار تفاهم او اتفاق ولو غير مباشر بين الجانبين من اجل اعادة احياء الاستحقاقات الدستورية اللبنانية . فمع الدخول الروسي العسكري المباشر الى سوريا والذي همش الى حد كبير استمرار الحركة السورية الداخلية في يد ايران والميليشيات التي تدور في فلكها وانتقال المعادلة التي تحكم سوريا الى الاطار الدولي، يعتقد سياسيون ان ما بات على المحك اكبر من القوى الاقليمية وحدها، حتى ان “التشاطر” الداخلي في لبنان لم يعد له اي قيمة تذكر ، الامر الذي يفيد ان لا العناد الايراني يبقى مفيدا ولا الموافقة السعودية تبقى مطلوبة في ظل التطورات الاخيرة، وان انتقال التأثير في سوريا الى لاعبين دوليين يمكن ان يؤثر في اتجاه انهاء استرهان الوضع اللبناني لمصالح معينة او في انتظار ظروف محددة.

إن التسليم خارجيا بارجاء الانتخابات الرئاسية الى اجل غير محدد كان مقبولا الى حد ما في ظل وضع مستقر نسبيا ويتحكم فيه الافرقاء الداخليون . في الآونة الاخيرة، وعلى رغم الجلسة التشريعية التي عقدت، وكانت ستعقد حكما من اجل اقرار قوانين مالية وما يتصل بتبييض الاموال، فان المماحكة السياسية التي تعطل مجلس النواب وتعطل مجلس الوزراء بدأت تشكل مخاوف فعلية على فشل النظام في لبنان واحتمال عدم القدرة على صموده تحت وطأة تصرفات السياسيين، بدليل الفشل في حل ازمة اساسية وحيوية كملف النفايات حتى الان. والانطباعات التي خلفها الفشل في الملف الاخير، الذي بات مفتوحا على شلل حكومي مستديم، تشكل وفق السياسيين المعنيين انذارا لمن لا يود ان يرى لبنان ينتهي دولة فاشلة شأن الدول العربية التي تجاوره. وتاليا، فان لبنان لم يعد يحتمل الفراغ، علما ان السياسيين لو اطلوا على الشارع في العاصمة للمسوا مقدار الانعكاسات السلبية الباهظة الكلفة التي باتت تترتب على الناس نتيجة اداء سياسي لا يتصف بالمسؤولية. في اي حال، فان هذه المخاوف اتبعت اخيرا باضطراب الوضع الامني، ليس من خلال تفجيرين امنيين فحسب، بل من خلال كشف سلسلة شبكات ارهابية تضع لبنان في عين العاصفة وربما تهدد الوضع فيه على نحو خطير، وفقا لما تتحضر له الدول الغربية مع روسيا في اطار تحالف دولي شامل على “تنظيم الدولة الاسلامية” في سوريا . وكانت لافتة عودة بعض السفراء الى ابلاغ المسؤولين اللبنانيين بوجوب الدفع نحو حصول انتخابات رئاسية قريبا ، في الوقت الذي تراجع فيه اصرارهم في هذا الاتجاه قبل بضعة اشهر. اضف الى ذلك ما يعتقد انه عملية سياسية يتم العمل على انجاح انطلاقتها في سوريا في الاتصالات بين الدول المعنية على نحو لا تعبر عنه بما يكفي المواقف العلنية في جنيف ثم في انطاليا . فاذا كان ثمة حل سينطلق في سوريا من حيث المبدأ، فكيف يمكن ان يؤثر على لبنان؟ وكيف على هذا الاخير ان يستعد لذلك؟

يعتقد بعض السياسيين ان العمليات الارهابية قد تكون محفزا يمكن الاستفادة منه ايجابا لتفعيل الحياة السياسية في لبنان، بدءا من انتخابات رئاسية يروج سياسيون كثر عن انطباعات في شأن حصولها قبل نهاية السنة الجارية، على رغم ان خمسة اسابيع تفصل فقط عن نهاية السنة . فهذه العمليات الارهابية لم تستهدف باريس وحدها، بل هي كانت اعتداء على الحضارة الغربية تحديدا، بحيث ان انتخابات الرئاسة المسيحية في لبنان يمكن ان توجه رسالة قوية بهذا المعنى في هذا التوقيت من أجل الرد على هذا الاعتداء.

ويعتبر السياسيون المعنيون ان بعض الملامح التي بدأت ترمى في بعض الاوساط عن اسماء معينة محتملة للرئاسة ليست من دون اساس، على رغم ان لا تبني رسميا لها من اي من الافرقاء، فيما يشكل تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري مهلة شهرين للاتفاق على قانون الانتخاب، وفقا لهؤلاء السياسيين، مهلة لانجاز الانتخابات الرئاسية قبل الانتهاء من درس قانون الانتخاب العتيد. ويذهب البعض من هؤلاء الى سيناريو للانتخابات تحت عنوان احترام الديموقراطية والتزامها من خلال تأمين النصاب لجلسة الانتخاب، لكن من دون اجماع في انتخاب الرئيس العتيد متى كان هذا الرئيس، وفق ما يرشح في الاوساط السياسية، من فريق معين وليس وسطيا او توافقيا بالمعنى الذي يطالب به كثر، خصوصا اذا كان ذلك يلبي موقفا مسيحيا للقوى المؤثرة لجهة ان يكون الرئيس قويا ومن بين الشخصيات الاربع التي اجتمعت في بكركي، وهو ما يرتب اثمانا لمصلحة قوى 14 آذار في رئاسة الحكومة وفي قانون الانتخاب على الارجح .