الأفق السياسي مقفل، واحتمالات الانفراج الحكومي محدودة، فقد ينعقد مجلس الوزراء غداً الثلاثاء، كرمى لملف النفايات وخطتها المتعثرة، بمن حضر من الوزراء. لكن لا احتمالات ولا توقعات لجلسات تالية في القريب… بسبب اصرار العماد عون على أولوياته العسكرية، ووقوف حزب الله على خاطره في هذا المجال، وتكون الحصيلة لا مجلس وزراء، بعد اللا مجلس نواب، واللا رئيس للجمهورية، واذا هالغزلة غزلة القيادات اللبنانية المبجلة، فحرير سيلبس اللبنانيون…
فريق ١٤ آذار على موقفه، انتخاب رئيس الجمهورية أولاً، وبعده يكون ما يكون، والبطريركية المارونية المصدومة بواقع حال الرئاسة، تطلق النداء الرئاسي تلو النداء، ولكن ليس من مستجيب، بينما يستمر الفريق الآخر على شروطه الرئاسية المسكوبية المستحيلة، بانتظار ان يبيض الحمام على الوتد…
بالمقابل، يقف الرئيس تمام سلام أمام رئاسة شاغرة وبرلمان معطل، وحكومة تشرف على الانضمام الى حلقة الفراغ الدستوري، معتصماً بحبل الصبر، ملوحاً بالانسحاب من هذه المعمعة، أو بقلب الطاولة الحكومية رأساً على عقب، كما يقول الوزير رشيد درباس، مستغرباً كيف انهم بدل أن يشكروه على سعة صدره، ومرارة صبره، يلومونه على تحمل كل هذه الأوزار، المنتجة في مصانع مواقفهم السياسية الخالية من النكهة الوطنية الاصيلة.
والراهن ان تقدير السيد حسن نصرالله لمواقف سلام وحكمته وصبره، في خطاب ذكرى اسبوع القائد ابو محمد الاقليم، وتأكيده على استمرار الوقوف الى جانب الحكومة، لم يقلل من التداعيات المحتملة لرده على تيار المستقبل وخطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق، حيث قال لمن يريد أن ينسحب من الحكومة، أو من الحوار: الله معك.
هذا التصعيد الكلامي بدأ مع العماد عون، وتلاه الوزير المشنوق، فالسيد نصرالله امس، واذ اكتملت الصورة بتصريح الشيخ نعيم قاسم الذي توقع ان يدخل لبنان بغيبوبة لفترة من الزمن.
لكن الوزير اشرف ريفي طمأن الى ان التصعيد لن يطال الحيّز الأمني، بالرغم من الاجواء الملبدة بالتهديدات والتهويلات والاجراءات الاحترازية التي اتخذتها معظم القيادات، التي ترى نفسها في عين الشيطان أو في مرمى ناره القابلة للاشتعال في اية لحظة.
وفي تقدير الأوساط المتابعة، ان سوداوية المشهد اللبناني، مرتبطة كلياً بما يجري في سوريا، وما يجري هناك يتطلب الكثير من الوقت كي يستقر على مرتكز سياسي واضح، هنا ثمة أطراف لبنانية في ١٤ آذار تراهن على تسوية دولية للحالة السورية المعقدة، تصبّ في مصلحة التوازن السياسي في لبنان، وهناك أطراف أخرى تخشى أن يؤدي الشروع الأميركي بالغاء العقوبات على ايران، الى استخدام فوائض الأموال المحررة في تسعير الحريق السوري، لمصلحة تعزيز امكانية تركيب السلطة الرئاسية في لبنان، على نحو ما يشتهي الحلفاء ويرغبون.
طبعاً، هذا الوضع سابق لأوانه، خصوصا في ظلّ مستجدين: الأول اعلان رئيس الوزراء الروسي ان المصلحة القومية الروسية هي الدافع لدخول بلاده الحرب في سوريا، وليس حماية الأسد بالتحديد، كما الانطباع لدى فريق ١٤ آذار في لبنان.
والثاني، تلمس المراجع اللبنانية الضنينة بالدولة والجمهورية، اهتماما فاتيكانيا ملحوظا بالفراغ الرئاسي المهدد لوجود الدولة اللبنانية من أساسها، معطوفاً على معلومات تشير الى تواصل قريب بين قداسة البابا فرنسيس والرئيس الأميركي أوباما بخصوص لبنان بالذات.
وعلى رجاء خلاص لبنان من هذه المحنة، يبقى الرهان على الفاتيكان، وعلى دعوات المؤمنين بأن يحمي الله لبنان من بعض سياسييه النرجسيين، الذين يسحبون اللون من الزعفران…