مجلس الوزراء يعاود اجتماعاته بعد توقف من أجل وقفة مع الذات. التوقف فرضته أزمة الآلية المعتمدة في اتخاذ القرار والتي قادت اليها أزمة الشغور الرئاسي. والوقفة مع الذات تطلبت جولة مشاورات دارت دورة كاملة لتعود الى نقطة البداية: الآلية على حالها، مع التوافق نظرياً على ترشيد التوافق عملياً. فلا الوزراء – الرؤساء يريدون التخلي عن سلاح التعطيل عبر الفيتو الذي أسيء استخدامه. ولا رئيس الحكومة المحكوم باللااستقالة واللااعتكاف والمصرّ على تسيير شؤون الناس يستطيع أن يتحمّل المسؤولية عن تجميد عمل المؤسسة التنفيذية.
ذلك ان الرئيس تمام سلام راهن على إحداث صدمة تدفع الى تعديل الآلية بالعودة الى الدستور للانتقال من التعطيل الى التسهيل. لكن التركيبة السياسية محصّنة ضد الصدمات. فلا كون الجمهورية بلا رئيس منذ عشرة شهور أحدث صدمة تقود الى انتخاب رئيس. ولا الأخطار التي تعصف بسوريا والعراق واليمن وليبيا وتهدّد لبنان وبقية المنطقة أدت الى تخلّي التركيبة السياسية عن حروبها الصغيرة. فكيف يُحدث صدمة مرور أسبوعين من دون جلسات لمجلس الوزراء؟
الرهان اليوم على النيّات الطيّبة التي يعرف الجميع قلّة حظوظه في السياسة. لكن الخيارات محدودة وربما معدومة. وهذا ما يراهن على شيء منه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان ورئيسة الوزراء السابقة للنروج غروهارلم برنتلاند. فهما حالياً رئيس ونائبة رئيس لمجموعة حكماء. وهما قدما باسم المجموعة أربع أفكار لمنظمة دولية قوية في مقال نشرته النيويورك تايمس.
ما دعا الى الأفكار الجديدة هو عجز مجلس الامن عن وقف الحروب وتسوية الازمات في العالم من أوكرانيا الى الشرق الاوسط بسبب لعنة الفيتو عندما يختلف الكبار. والفكرة العملية، بعد العجز الدائم عن توسيع مجلس الأمن واصلاح آلية اتخاذ القرار فيه، تشبه الرهان اللبناني على النيات الطيبة. اذ هي نصت على مطالبة الاعضاء الخمسة الدائمين بضمان ألا يسمحوا لخلافاتهم بأن تعني فشل المجلس في العمل حتى عندما يعاني شعب من جرائم وحشية كما في حال سوريا. ثم انتهت الى الاكتفاء بوعد من الخمسة الكبار خلاصته عدم استخددام الفيتو فقط للدفاع عن مصالحهم الوطنية بل حين يتخوفون جدياً من ان القرار المعروض سيؤذي اكثر مما يفيد السلام العالمي والشعب المعني.
أليس هذا ما هو مرجو من الوزراء في استخدام الفيتو؟ ألسنا في حال أسوأ من مجلس الأمن حيث الفيتو محصور بخمسة اعضاء دائمين، في حين ان في مجلس الامن الحكومي – الرئاسي ٢٤ عضواً دائماً لكل منهم حق الفيتو؟ الامتحان قريب. لكن البحث عن عمل طبيعي في وضع غير طبيعي مهمة مستحيلة.