اذا كان بعض السياسيين يراهنون على الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بانها ستكسر المراوحة في ملف الاستحقاق الرئاسي وتملأ الفراغ في القصر الجمهوري الذي يكاد العشب يغطي ادراجه، فان رهانهم لا يتعدى الوهم او التمنيات في ابسط الاحوال كما تقول الاوساط الضليعة في عالم الكواليس كون الهدف الاساسي من جولة هولاند التي تبدأ بلبنان مروراً بالاردن وصولاً الى مصر تهدف الى ملف النزوح السوري من خلال تقديم الاغراءات الاوروبية لتوطينهم في البلدان المضيفة منعاً لترحيلهم الى اوروبا التي تعيش دولها عقدة «الاسلاموفوبيا» اثر مجازر باريس وبروكسيل وستكون زيارته رحلة على خطى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي يجهد لتوطين نصف مليون نازح في دول الاتحاد الاوروبي حتى العام 2018، الا ان هولاند وبحسب الاوساط، سيثير من باب رفع العتب مسألة انتخاب رئيس للجمهورية كونه يعرف جيدا العقبات التي تحول دون ذلك وفي طليعتها الصراع الايراني – السعودي الذي وصل الى حدود منع المملكة رحلات الطائرات الايرانية الى السعودية في موسم الحج القادم، ما يشير الى حجم الخلاف بين الطرفين وانعكاس الامر في الدرجة الاولى على الاستحقاق الرئاسي الذي هو ثمرة التوافق بين الرياض وطهران الى ان يقدر الله امراً كان مفعولاً.
وتضيف الاوساط ان الرئيس الفرنسي ملم بالشاردة والواردة على الساحة المحلية وسبق ان ناقش الامر منذ اشهر مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي لا يزال يعلن في مجالسه ان لا انتخاب رئيس للجمهورية لا اليوم ولا غداً، كما ان هولاند بحث مع الرئيس سعد الحريري هذه المسألة وخلص الى نتيجة تقول «فالج لا تعالج» كما انه بحث هذا الملف مع الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني الذي ابلغه ان طهران لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وان اللبنانيين هم اسياد قرارهم.
وتشير الاوساط الى ان هولاند لن يقدم ولن يؤخر في مسألة انتخاب رئيس للجمهورية وهو لا يسعى ان ذلك جدياً بل من باب الواجب الزوجي اذا صح التعبير، فالهدف من زيارته تأمين المصالح الفرنسية في لبنان التي تعتبر توطين النازحين في البلدان المضيفة يعفيها ويحميها من طوفان جديد تحضر له تركيا التي تبتز الاوروبيين باستثمارها الوجع السوري على خلفية ثأرية ولفرض نفسها عضوا في دول الاتحاد الاوروبي الذي رفض انضمامها اليه، فالعارفون في «اجندة» باريس ومنهم سفير سابق يؤكدون ان مشكلة اللبنانيين انهم لا يصدقون ان فرنسا اليوم ليست كما في السابق اي «الام الحنون» فالرئيس التاريخي شارل ديغول هدّد اسرائىل يوم دمرت اسطول الطائرات المدنية في مطار بيروت في ستينات القرن الماضي بحجب قطع غيار طائرات «الميراج» عنها يوم كانت هذه الطائرة العمود الفقري لسلاح الجو الاسرائىلي وقد وصل الى حد تهديدها اذا كررت عدوانها على لبنان، وفرنسا الرئيس فرنسوا ميتران هدّدت السوريين اثر اجتياح دبابات عصر الوصاية القصر الجمهوري ولجوء الجنرال ميشال عون الى السفارة الفرنسية رابطة شرف فرنسا بمصير الجنرال، اما فرنسا اليوم فإن المجريات اللبنانية آخر اهتماماتها كون مصالحها في افريقيا وفي السعودية وايران تحتل الاولوية القصوى ولعل اللافت ان «القداس على نية فرنسا» لا يزال يقام في اول احد بعد عيد الفصح في الصرح البطريركي ويحضره السفير الفرنسي من زاوية بروتوكولية لاكثر ولا اقل وسط عدم تصديق الموارنة انهم باتوا يتامى اثير رحيل امهم الحنون التي اجترحت لهم وطنا في اتفاقية «سايكس – بيكو» التي اطاحها تنظيم «داعش» الذي يحتل جزءا من الحدود اللبنانية في عرسال ورأس بعلبك والقاع.
وبالعودة الى ملف الاستحقاق الرئاسي تقول الاوساط ان الرياح الغربية والآتية من الصحراء مشبعة بالغبار تزيد من غموض المسألة الى حد ان بعض المتشائمين قلق من اي يكون الرئيس ميشال سليمان اخر رئىس ماروني للجمهورية وربما هذا الامر دفع الرئىس نبيه بري الى ان يعلن عن خشيته من انتزاع فرصة انتخاب رئىس من فريق 8 آذار اذا لم ينتخب النائب سليمان فرنجية رئىسا للجمهورية في ظل انعدام موازين القوى وتبدلها بين لحظة واخرى.