IMLebanon

يخون.. وبراءة «الأطفال» في عينيه!

 

هي بالفعل… وقاحة واضحة وفادحة، أن يعمد عميل إسرائيلي، حائز على الجنسية الإسرائيلية ومتباه ومتشاوف بها، أن يقتحم أسوار البلاد المجاورة لإسرائيل والمعادية لها بجرأة غير مكترثة، وربما بسذاجة غير متمكنة من تقدير فداحة الجرم المرتكب من قبله، وما أعقبه من جرائم ضد الإنسانية من خلال أعمال القتل والتعذيب التي طاول بها أبناء هذا البلد المدافعين عن أرضهم وكراماتهم وأعراضهم، متجاوزا حدوده وسدوده والقوانين اللبنانية التي تحمي البلاد وأهلها من كوارث العمالة المتمادية التي يرفضها القانون وتأبى قواعده وأعرافه أن تجد لها إسقاطا وتبريرا وتخفيفا.

 

وعودة مشبوهة ومفتعلة إلى الطريق الوطني السليم. لم يكن لهذا العميل الذي لم يترك وسيلة شنيعة الأوصاف إلاّ واستعملها وهو يمارس هوايته في تعذيب المواطنين الشرفاء في بلد كلّ ذنبه أنه قاوم الغزو والإحتلال الإسرائيلي الغاشم، وجاهر بمواقفه، فلم يجابهه إسرائيلي متغطرس ولا يهودي متصهين، بل «مواطن» ما زال يحمل (مع الأسف) الجنسية اللبنانية ويصادمها ويلاطمها بالجنسية الإسرائيلية، ويقتل أبناء وطنه الأساسي ويتفنن في اذاقتهم ألوان التعذيب المتوحش والوصول به إلى حد القتل العمد.

 

وقد وصلت إلينا من خلال وسائل الإعلام واحتجاجات ضحايا التعذيب وعوائل قتلاه وضحاياه، كل تلك التفاصيل المرعبة التي مورست على مواطنين لبنانيين أبرياء إستعملت بحقهم وحق ضحاياهم شتى صنوف المظالم، وقد وصلت حدود الوقاحة لهذا المدعو عامر الياس الفاخوري، اقتحام سدود الحماية الصهيونية الأميركية، وصولا إلى حدود الإستحصال على الجنسية الأميركية رغم أن القانون الأميركي وأعرافه، تُحرّم على طالبي التجنس أن يكونوا من بين الفئات التي مارست الإرهاب التعذيبي، وشاركت وقادت معسكرات متخصصة في مثل هذا النوع من العداء للإنسانية وشرائعها وقواعدها المعتمدة لدى البشر المتحضرين، وإذ هبّت جموع المواطنين باغلبيات ساحقة ونفوس متأججة، إلى الإشادة باعتقال ذلك العميل الوقح الذي وقف بالغش والخداع والتخفي إلى جانب قائد الجيش اللبناني أثناء وجوده في الولايات المتحدة.

 

وهو الذي كانت له بطولات لا لبس فيها في مكافحة الإرهاب والإجرام المماثل لما مارسه جزار الخيام وأعوانه وأنصاره، ظنا منه أن ذلك قد يفيده من تبييض صفحة الخيانة الإجرامية لديه، إلاّ أن قائد الجيش الذي يعول عليه لبنان وغالبية اللبنانيين، بأن يكون خشبة الخلاص التي تنقذهم من فداحة ما تعانيه بلادهم من ظلم الظالمين وتحكّم المتحكمين، وهم يستعدون إلى التعرّف إلى ذلك «الضابط الهمام» المرتبط حتما ببعض الجهات السياسية المحلية والخارجية، التي تروج «لبراءة» أمثال هؤلاء المتصهينين، ذلك الضابط المتلطي والمتخفي بما مكنه من أن يكون الوسيلة التمويهية التي أدت إلى تمكين جزار الخيام من الدخول إلى البلاد بعد سنوات أثبت فيها أصالته في العمالة وارتكاب أفدح أنواع الجرائم التعذيبية، وهكذا وكأن كل ما كان لم يكن، وبراءة الأطفال في عينيه.

 

ونحن حتى الآن، ما زلنا ننتظر كشف اللثام عمن أدى إلى تهريبه على هذا النحو المؤسف إلى الأرض التي نتباهي بأصالتها ووطنيتها ووجدانها البريء من شتى أنواع الموبقات التي يمكن أن تمس بأصالة الإيمان الوطني الراسخ والمشاعر الوطنية الأصيلة، ويبقى أمثال هذا العميل الذي بات اليوم وبإرادة وطنية صادقة من مؤسسات الدولة الأمنية جميعا، غاطسا حتى الثمالة في ظلمات السجن الذي يأمل كثيرون في تكريسه بحكم قضائي يعاقبه بتهمة العمالة والحيازة على جنسية بلد عدو دون أن يكون للعمالة ولحيازة الجنسية الإسرائيلية أي سبب يشفع لها، كمثل الزعم بمرور الزمن على جرمها الذي لا ينطفيء ولا تزول آثاره كائنا ما كانت المبررات، كما ينادي كثيرون ممن طاولتهم آلاته التعذيبية ومن سواهم من المواطنين، فكان نصيب بعضهم أن بقوا على قيد الحياة، وكان نصيب سواهم، موت قاسي المعالم والمظالم نتيجة للتعذيب الوحشي الذي طاولهم من خلال شتى أنواع آلات التعذيب الإسرائيلية المتفننة في أنواع القتل البطيء والسريع، ولهذا لا نستغرب مطالبة هؤلاء بإعدام من لبستهم تماما تهمة العمالة ووساخة التجنيس الإسرائيلي.

 

كما لا نستغرب كل هذه الإنتفاضة الواضحة والفاضحة التي تجلّت وفي كثير من وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الإجتماعي، كما لا نستغرب أية تحركات لاحقة لذوي الشأن، ممن طاولهم الضرر والخطر، قد تصل إلى حدود وسدود غير متوقعة، إضافة إلى ذلك كله، نستغرب حقا كيف أن كثيرين من أركان هذه الدولة العتيدة، لبثوا في حالة نأي للنفس وكأنها قضية ثانوية لا تهمهم ولا تعنيهم، أو لعل بعضهم يرى فيها ما يخالف توجهاته «السيادية والوطنية» العامة، وهنا الطامة الكبرى التي تزيد الشروخ الوطنية إلى حدود عميقة الغور والأثر.