IMLebanon

سقوط الرهان على الرئاسة يرسي معادلات جديدة

فشل الحوار في جلسته الأخيرة في تذليل المتاريس القائمة بين القوى السياسية، بل على العكس سبّب المزيد من التوتّر والتشنّج على الرغم من كل عمليات التجميل التي سعت أكثر من جهة إلى إدخالها على النقاشات المتعدّدة الملفات والعناوين، وكان الفشل قاسياً في النقطتين الأبرز الإنتخابات الرئاسية وقانون الإنتخاب الجديد. وبرأي مصدر نيابي في فريق 14 آذار، فإن الخرق الذي راهن رعاة الحوار الوطني على تسجيله في جدار المراوحة والتعطيل السياسي، لم يحصل في ضوء استمرار الإصطفافات، وسط التفسيرات المتباينة حول اتفاق الطائف. واعتبر المصدر، أن جلسات الحوار الثلاث التي سجّل فيها المتحاورون تراشقاً للتهم والمسؤولية حول الوضع الراهن، أتت نسخة مطابقة للأصل عن كل المحطات الحوارية السابقة باستثناء أن طروحات سياسية قد برزت إلى العلن للمرة الأولى منذ بدء الشغور في كرسي رئاسة الجمهورية.

وانطلاقاً من هذه القراءة، وجد المصدر النيابي نفسه، أن الإقتراحات التي قدّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإن لاقت التأييد لدى غالبية الحاضرين، فقد اصطدمت بالمواقف المسبقة التي رفعها وأصرّ عليها الفريق المطالب بإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية قبل أي استحقاق دستوري آخر. وأضاف أن الترجمة العملية للنقاش الذي استمر على مدى ثلاثة أيام في عين التينة قد أرسى معادلة استمرار الشغور الرئاسي، ومعه تكريس قانون الـ60 في الإنتخابات النيابية المقبلة.

وعلى الرغم من أن هامش المبادرة ما زال واسعاً أمام القوى السياسية للوصول إلى تسوية رئاسية، فإن المصدر نفسه، لاحظ أن هناك عجزاً داخلياً في تخطّي المتاريس المرفوعة داخل مجلس النواب كما داخل الحكومة، علماً أنها السبب الرئيسي وراء تعطيل هاتين المؤسّستين منذ أكثر من سنتين. وبالتالي، ومهما حاولت المواقف المعلنة بعد ثلاثية الحوار من التخفيف من وقع الفشل على الرأي العام اللبناني، فإن الإنطباعات التي تكرّست بين المتحاورين أنفسهم، كما لدى المراقبين، هي أن العجز بات أمراً واقعاً ولو رفض المعنيون إعلانه بشكل صريح داخل وخارج طاولة الحوار. وأضاف المصدر النيابي ذاته، أن أي إنجاز سياسي هو بمثابة المعجزة اليوم، سيما وأن ما طرح من عناوين «إصلاحية» قد أثار العديد من الهواجس لدى الأطراف المتمسّكة باتفاق الطائف وبتطبيقه بشكل كامل ومن دون أي استثناءات.

من هنا، فإن المشهد الداخلي أمام مفترق طرق تختلط فيه الأولويات لدى كل فريق سياسي، كما كشف المصدر النيابي نفسه، الذي استغرب عودة الطروحات ذات الطابع الطائفي، في الوقت الذي لا تزال الساحة الداخلية تتعرّض إلى سيل من التحدّيات الأمنية والإجتماعية بفعل التهديد الإرهابي وعبء النزوح السوري. وأكد أن عودة السلبية إلى هذا المشهد، هي مسؤولية طاولة الحوار الوطني والمتحاورين الذين أتوا إلى الحوار متمسّكين بأجنداتهم الخاصة، ولا سيما في الملف الرئاسي، لأن تحييد الإتفاق على هذا العنوان، ولو بشكل غير مباشر، كان المسبّب الأساسي للفشل المدوّي لأي محاولة لتسوية المأزق السياسي الذي تحوّل إلى أزمة حكم، سمحت بإعادة طرح مصير اتفاق الطائف تحت شعار تطبيق البنود التي تأخّر تنفيذها لأكثر من 25 عاماً. وخلص المصدر النيابي نفسه، إلى أن ما بعد الحوار لن يكون كما قبله، لأن سقوط الرهان على تسوية رئاسية سيرسي معادلات جديدة ستبدأ بالظهور في الجدل السياسي الذي انطلق مباشرة بعد انتهاء ثلاثية الحوار في عين التينة.