تستبعد مصادر وزارية، أن يكون ناجحاً رهان بعض الأفرقاء في الداخل على أن الدور الروسي العسكري في سوريا سيساعد في وصول رئيس جمهورية قريب منهم.
وهي تعتبر أن روسيا دخلت الآن في الوحول السورية، ولا يمكن لأي طرف لبناني أن يعلق آمالاً في الهواء على تقدم ما لمصلحة ما. بل النتيجة ستكون خراباً ودماراً وقتلاً ودماء متزايدة في سوريا. كما ان النتيجة ستكون مزيداً من الارهاب والتطرف. ولفتت الى أن موسكو يهمها مصلحتها في سوريا، ولا يهمها أفرقاء لبنانيين، ومن بينهم 8 آذار، وهذا الرأي يقوله ايضاً وزير التنمية الادارية نبيل دي فريج.
وبحسب المصادر، فقد وجدت روسيا ان الرئيس السوري بشار الاسد فقد سيطرته على معظم المناطق لا سيما القريبة من طرطوس حيث القاعدة البحرية العسكرية الروسية، وهي الموقع الوحيد للروس في الشرق الاوسط. فهبت موسكو للدفاع عنها تحت ستار دعم الاسد.
وبالتالي وجدت مصلحتها الوحيدة هذه في خطر، فاستفادت من الموقف الاميركي الراهن حول سوريا، للدخول على الخط السوري بهذا الشكل، مدافعة عن مصلحتها. الهمّ الاساسي الروسي يتمثل بهذه القاعدة، وهمّ لبنان بالنسبة الى موسكو اقل بكثير من ذلك. الا انها تستعمل الموقف الاميركي لتقول انها اذكى.
روسيا ايضاً لم تقصف مناطق «داعش» لا سيما في الرقة والحسكة ودير الزور وتدمر. ضربت مناطق للمعارضة المعتدلة التي تشكل خطراً على النظام والتي هي على مقربة من طرطوس، لانها تخاف من اي سيطرة للمعارضة على تلك القاعدة القريبة من اللاذقية للحفاظ على الورقة الوحيدة في يدها. دخل الروس في مسار له اوله، ولا يمكن معرفة نهايته ولا انعكاساته منذ الآن على سوريا وعلى محيط سوريا. تضع موسكو ثقلها للحفاظ على هذه القاعدة، وهي تلعب «السولد»، والتي لا تزال قوات النظام تسيطر عليها، وهي قاعدة مهمة استراتيجياً لروسيا.
ولو كانت موسكو تريد محاربة الارهاب لكانت سألت عن الذي خلقه وأوجده، ومن فتح السجون لإخراج كوادره وعناصره، ومن أصدر أمراً رئاسياً بإطلاق سراح كل الإرهابيين من السجون السورية. ولماذا روسيا التي تدعم النظام سمحت بحصول ذلك وغضت النظر عن تنظيم هؤلاء؟ في المعنى الظاهر يهم الروس دعم النظام، لكن في المعنى الباطن يريدون دعم مصلحتهم في حماية هذه القاعدة.
ولا تنسى المصادر، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان رئيس الـKGB السوفياتية، ولا تزال بحسب ما يبدو، لديه العقلية المخابراتية وفرض الرأي بالقوة. وهذا ما يستنتج مثلاً من خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لبنان الرسمي لم يعلن أي موقف من التدخل الروسي. بالنسبة الى الأزمة السورية، يعتبر نفسه محايداً، وهو يدعو الى حل سلمي لها عبر الحوار بين السوريين. ويدعم أي جهد في هذا الإطار. لكنه ليس محايداً في ما خص اللاجئين السوريين على أراضيه، وهو اتخذ إجراءات لوقف تدفقهم وترتيب علاقتهم بالسلطات اللبنانية.
من انعكاسات التدخل الروسي الأخير على لبنان، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، مزيد من تدفق اللاجئين، وحرب دائمة على حدوده، واستمرار أزمة الملف الرئاسي، وإطالة أمد هذه الازمة.
لكن في حال التوصل في سوريا الى دولة علوية في مناطق العلويين فإن للأمر حسابات أخرى. بعض الأطراف اللبنانية يأمل أن هناك عملية كبيرة روسية داخل سوريا خلال هذا الشهر، سيصار بعدها الى حسم الوضع هناك. انما مهما كانت التطورات العسكرية، فانه من الصعب ان يتمكن اي طرف من حسم الموقف.
نصف لبنان يحارب مع النظام في سوريا من خلال مشاركة «حزب الله» في القتال. وهذا القرار جاء لاعتبارات عدة لم تأخذ في الاعتبار موقف النصف الآخر من اللبنانيين الذي لا يريد هذه المشاركة، وبالتالي، من مصلحة لبنان، ما دامت الأمور الداخلية مخلخلة على هذا النحو، أن يعيد في موقفه إن أراد اتخاذه حول التدخل الروسي، التأكيد على القانون الدولي والحفاظ على سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وضرورة الاستماع إلى الدولة صاحبة العلاقة.