IMLebanon

بين عون وفرنجية: «الإبراء المستحيل»

سليمان فرنجية «نور عيون» السيد حسن نصرالله، وسعد الحريري «في قلب» فرنجية.. لكنها معادلة «شعرية» لا تصنع رئيساً.

بين عودة الحريري الى بيروت في 14 شباط الماضي وجلسة الثاني من آذار، وما تخلّلهما من قرار سعودي بخوض مواجهة مباشرة مع «حزب الله» وإيران يكاد يأخذ بدربه الحكومة، لم تتغيّر فاصلة في المشهد الرئاسي المأزوم.

رئيس «تيار المردة» الذي اعلن للمرة الاولى عن رأيه الصريح بأنه يؤيّد النزول الى مجلس النواب، لكنه على التزامه الثابت بالتنسيق مع «حزب الله»، التزم في الفترة الماضية الصمت التام حيال إمعان الجانب السعودي في اتخاذ قرارات قاسية وغير مسبوقة بحق لبنان واللبنانيين. سقف بنشعي في هذه المسألة تأييد البيان الصادر عن مجلس الوزراء في جلسته في 22 الماضي مع تأكيد على مسلّمة «عدم الاعتذار».

وفيما يتمّ الحديث عن جدول اعمال لم ينته بعد من تصفية الحسابات السعودية مع الجانب اللبناني، رَفَع كلام السيد حسن نصرالله الأخير من وتيرة المواجهة بين الطرفين، بحيث يمكن أن لا يكون لها ارتدادات مباشرة على المسار الرئاسي، فيما بدا لافتاً عدمّ تطرّق الأمين العام لـ «حزب الله» بشكل تام الى انتخابات رئاسة الجمهورية وتأثّرها بهذا المناخ التصعيدي الذي ذهب الى حدّ إصدار دول مجلس التعاون الخليجي قراراً بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية.

لكن تدحرج كرة الثلج السعودية لم يغيّر حتى اللحظة في موازين اللعبة الرئاسية. عشية جلسة 2 آذار كانت الرابية تهوّل بأن «تعطيل الميثاق»، بتجاوز التوافق المسيحي شبه الجامع على عون رئيساً، لن يبقى من دون ردّ، وإلى أن هناك كلاماً آخر بعد جلسة الأربعاء. «القوات اللبنانية» على التزامها الرئاسي بميشال عون، من دون أي إيحاءات مباشرة أو غير مباشرة بوجود خطة «ب»، خصوصاً أن سمير جعجع نفسه من القائلين بأن سقف الانفراج الرئاسي ثلاثة أشهر.

بين الحريري وفرنجية تمسّك متبادل بالترشيح يحرص الأخير على تزخيمه من فترة الى أخرى بالبَصم على «صدق» رئيس «تيار المستقبل» وثقته به، وصولاً الى حدّ إعلان «تفهّمه لكل ما يقوم به» وتسليفه موقفاً لا يُصرف «نصاباً» بتأكيده أنه من دعاة النزول الى البرلمان، في القول لا الفعل.

لكن الى أي مدى يمكن أن يصمد ترشيح فرنجية حليف «حزب الله» الوثيق وسط الإعصار السعودي والخليجي؟

مضبطة الاتهام التي أطلقها نصرالله في خطابه الاخير بحق السعودية «مصدّرة السيارات المفخّخة الى لبنان والساعية، كما اسرائيل، الى فتنة سنية شيعية ومرتكبة المجازر في اليمن»، جاءت ضمن سياق الهجوم المضاد بعد مرحلة من الصمت منذ العام 2006 اشار اليها صراحة نصرالله، لكنها لم تلحظ بطبيعة الحال مسألة دخول الرياض، كطرف مخرّب، على خط رئاسة الجمهورية، كما يرى العديد من حلفاء الحزب اليوم، من خلال التأييد السعودي لترشيح سليمان فرنجية والذي يترجمه سعد الحريري باحتضانه الابن المدلّل لخط «8 آذار».

لا يرى «المَرَديون» أنفسهم في موقع الدفاع عن النفس، طالما ان فرنجية يوازن بين تمسّكه بترشيحه وبين تأكيد صلابة التزامه بخط المقاومة و «8 آذار»، وبعدم القيام بأي خطوة رئاسية من دون التشاور مع «الضاحية».

ومع تأكيد فرنجية المتكرّر بأن ترشيح عون لجعجع لم يكن ليحصل لولا ترشيح الحريري له، صار أكثر اقتناعاً بالمجاهرة بما كان يحرص على إبقائه ضمن الجدران الأربعة: اتفاق معراب لا يختصر المسيحيين ولا يمكن فرضه، والحريري لم يعد الى لبنان بخلفية مشروع سعودي بفتح مواجهة مع «حزب الله» رأس حربتها «الشيخ»، والدليل حالة الإرباك والضياع التي سادت «الفريق الأزرق» أثناء مواكبته الإجراءات السعودية بحق لبنان.

في المقلب العوني ثمّة من يرفع كتاب «الإبراء المستحيل» بوجه الحليف السابق سليمان فرنجية. تدريجاً عادت لغة التصعيد إلى مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان هدأت النفوس في الأيام الماضية. في محيط الرابية مَن يتكلّم بقناعة أن فرنجية «غَطَس» في الصحن السعودي من دون أن يلتفت الى عواقب هذا الخيار، خصوصاً أنه يتبنّى الموقف نفسه للحريري الذي يتصرّف وكأن «لقاء معراب» في 17 كانون الثاني لم يحصل أصلاً، ويتجاهل تماماً أن الطرف الإقليمي الذي يدعم ترشيحه رَفَع من منسوب صدامه المباشر مع «حزب الله» ويتصرّف مع لبنان «بطريقة مهينة»، كما قال نصرالله نفسه قبل يومين.

بورصة الحضور في مجلس النواب يوم أمس، كرّست ما كان يتردّد في كواليس الرابية: مشاركة سعد الحريري شخصياً في جلسة دعم مرشح «راسب» في امتحان الميثاقية لن يُسهم في قلب المعادلات ولا في مصير الرئاسة في جلستها الـ 36. يقول مقرّبون من عون «هذا حجم الحريري وهذا أقصى ما يمكن أن ينتجه خياره الرئاسي. لذلك تُستحسن العودة الى الأصل لمعالجة مكمن الخلل. فالتعطيل يصبح واجباً وطنياً وشرعياً حين يكون المقصود هو الإمعان في تجاوز مفهوم الشراكة».