المستقبل» يشكو من تقشّف «حزب الله» و«أمل»
ما بين عون والحريري: رئاسة وعسكر.. و«حراس الأرز»!
إذا كان العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري يحاولان الإبقاء على خيط ممدود بينهما، إلا ان هذا الخيط يبدو أرفع وأضعف من ان يحتمل الوزن الثقيل للملفات الخلافية التي تتفاقم عند كل استحقاق او اختبار.
وقد أتى غموض موقف الحريري حول إمكانية تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، معطوفاً على موقف الرئيس فؤاد السينورة الجازم بعدم وجود أي فرصة امام عون للوصول الى رئاسة الجمهورية، ليعيد تسعير جمر الخلاف وأزمة الثقة بين تياري «الوطني الحر» و «المستقبل».
ويعتبر مصدر قيادي في «المستقبل» ان الخطاب السياسي المعتمد من عون في هذه المرحلة هو «موديل قديم»، يعود الى زمن غابر، مشبهاً إياه بخطاب حزب «حراس الأرز» خلال الحرب الأهلية.
ويلفت الانتباه الى ان محاولة شد العصب المسيحي، عبر خطاب متعصب، تنطوي على مخاطر ومخاطرة، مشدداً على أن تطمين المسيحيين ومعالجة هواجسهم لا يتحققان بتعبئتهم طائفياً، وإنما بتفاعلهم وتفاهمهم مع المسلمين.
ويتساءل المصدر: الى أين يأخذ عون مسيحيي الشرق، خصوصاً مسيحيي لبنان وسوريا والعراق؟ وأي أفق يفتحه أمامهم؟ وما هي الفرص التي يقدمها لهم؟ وأين المصلحة في جرهم الى التقوقع والصدام مع مكونات أخرى؟
ويلاحظ المصدر أن «حزب الله» يكاد يكون الوحيد الذي يغطي عون في سياساته وخياراته، لأن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» هو الحليف الإستراتيجي الوحيد المتبقي للحزب.
ويشكو المصدر القيادي في «المستقبل» من طريقة تعامل «الثنائي الشيعي» مع بعض الملفات الداخلية، متهماً «حزب الله» و «حركة أمل» بأنهما «يتقشفان» في الخطوات التي من شأنها تخفيف الاحتقان السني – الشيعي في لبنان.
ويلفت الانتباه الى ان الحزب والحركة يتعاطيان، على سبيل المثال، ببرودة شديدة مع القرارات الجريئة التي يتخذها وزير الداخلية نهاد المشنوق، بدل التفاعل معها والبناء عليها.
ويشير المصدر الى ان «حزب الله» يتصرف كـ «مياوم» في العلاقة مع وزارة الداخلية وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، خصوصاً على مستوى الخطط الأمنية التي تنفذ في المناطق التي تخضع لنفوذه، معتبراً أن الحزب يعمل يوماً بيوم في مسائل التنسيق الأمني، وفي آخر النهار يقفل الحساب، في انتظار الغد.
وبرغم أن المصدر البارز في «المستقبل» يؤكد أن «حزب الله» كان إيجابياً حيال مبدأ الخطة الأمنية للضاحية الجنوبية، لكنه يلاحظ انه يبدو «بخيلاً» في تقديم المعلومات التي تساعد الأجهزة الأمنية في تنفيذ مهامها الميدانية، لا سيما على صعيد ملاحقة المطلوبين، كأنه يوحي بأن على الأجهزة ان تتدبر أمرها وأنه يكتفي من ناحيته برفع الغطاء السياسي عن أي مرتكب.
ويرى المصدر أن فرع المعلومات الذي يبذل جهداً كبيراً في مكافحة الإرهاب، لا يأخذ حقه ولا ينال التقدير الذي يستحقه، داعياً الحزب والحركة الى تجاوز الحساسيات المذهبية او السياسية، وبالتالي إنصاف هذا الجهاز الأمني الذي يعمل بصمت وبحرفية مهنية عالية، ويحقق إنجازات نوعية من بينها اكتشاف محاولة لاغتيال الرئيس نبيه بري.
ويشير المصدر البارز في «المستقبل»، الى ان دور فرع المعلومات في ملاحقة الإرهابيين، وتصدّر المشنوق الصفوف الأمامية للمواجهة مع «داعش» و «النصرة» وهو الذي يمثل ما يمثل سياسياً ومذهبياً، لم تتم ملاقاتهما حتى الآن بالشكل المطلوب من الثنائي الشيعي، لافتاً الانتباه الى ان هناك خطوات رمزية وغير مكلفة كان يمكن اتخاذها لإعطاء انطباع بوجود شيء من التقدير لهذا الجهد المبذول بدل القيام بتصرفات تحرج المشنوق في بيئته وأمام جمهوره، كما حصل على هامش أحد الاحتفالات الأخيرة لـ «حزب الله».
ويشدد المصدر على أن خيار الدولة هو الأفضل والأجدى لمواجهة الإرهاب، وليس خيار «السلاح الشيعي» او «الصحوات السنية»، مشيراً الى ان ما تفعله وزارة الداخلية كان موضع ثناء وإشادة خلال زيارة الوزير المشنوق الأخيرة الى الولايات المتحدة، باعتباره يشكل النموذج الأسلم والأصح لمحاربة الارهاب، قياساً الى ما يجري في دول أخرى في المنطقة يُترك فيها للميليشيات الطائفية ان تتصدر المواجهة.
ويدعو المصدر، في سياق تحصين مؤسسات الدولة، الى عدم الاستعجال في رفع السقف وتصعيد المواقف حيال ملف القادة الأمنيين، لافتاً الانتباه الى ان الخوض الفعلي في هذا الأمر يجب ان يحصل قبل أسبوع من انتهاء خدمة مدير عام قوى الأمن الداخلي وقائد الجيش، لأن الزج المبكر بهما في السجال السياسي يؤثر سلباً على معنويات هاتين المؤسستين.