Site icon IMLebanon

بين «المزايدات» و«الامتعاض».. لا طلاق بين «الكتائب» و«14 آذار»!

بين «المزايدات» و«الامتعاض».. لا طلاق بين «الكتائب» و«14 آذار»! مصادر كتائبية : التكتل الحكومي ليس استراتيجيًا ولا موجهاً ضد سلام

فعلها حزب «الكتائب اللبنانية» من جديد. استطاع أن يثير «زوبعة» بين «حلفائه المفترضين»، مفجّرًا السجال القديم الجديد حول ما إذا كان لا يزال فعلاً جزءًا لا يتجزّأ من قوى الرابع عشر من آذار، أم أنّ سلسلة «تمايزاته» التي لا تنتهي ستؤدّي إلى خيارٍ لا بدّ منه، ألا وهو «الطلاق»، بغضّ النظر عن مدى «حلاوته» أو «مرورته».

جديد «التمايزات» الكتائبية تمثل في مشاركة الحزب، بل رعايته للتحالف الحكومي المستجدّ الذي فاجأ الحلفاء قبل الخصوم، وهو الذي جمع وزراء «الكتائب» مع أولئك المحسوبين على الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، والوزير بطرس حرب، ولعلّ ما يجمع بينهم، كما تقرأ مصادر سياسية، ليس سوى «الضرورة»، باعتبارهم جميعًا «متضرّرين» من الحوار القائم بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، والذين لا يرون فيه إلا نيّة لـ«إقصائهم» بشكلٍ أو بآخر.

وإذا كان سعي الرئيس سليمان لمثل هذا التحالف، بحسب المصادر، مفهومًا ومبرّرًا في هذه المرحلة، فالوزير بطرس حرب يحاول ان يبحث عن دور له كما يحاول ان يرسم صورةٍ «مستقلّة» لنفسه، باعتبار أنّه لا يزال يمنّي النفس بحظوظٍ رئاسيّة في ربع الساعة الأخير، فإنّ ما ليس مفهومًا ولا مبرّرًا وفق المصادر هو انخراط حزب «الكتائب» في مثل هذا التحالف، وهو الحزب العريق الذي يفترض أنه تجاوز كلّ هذه الإشكاليات، متسائلة عمّا إذا كان يؤسّس بذلك لانعطافةٍ كاملةٍ، قد تصل الى حدود الخروج من قوى الرابع عشر من آذار بشكلٍ نهائي، أم أنه لا يتعدّى حدود «المزايدات» التي يسعى إليها الأفرقاء المسيحيون خصوصًا في ظلّ الفراغ المستمرّ في الموقع المسيحي الأول، أي رئاسة الجمهوريّة.

«هي ليست انعطافة لا من قريب ولا من بعيد»، هكذا تردّ مصادر قيادية في حزب «الكتائب» على هذه التسريبات والتحليلات، التي تقول إنّها لم تعد تعني لها شيئًا. «لا نعرف كم من الحبر صُرف منذ سنوات طويلة للتبشير بخروجنا تارة من 14 آذار بل تحالفنا مع 8 آذار تارة أخرى»، تقول المصادر، «وهو حبرٌ أثبتت الوقائع عدم اتكاله على أيّ معطيات حقيقية، بل هو من نسج خيال البعض، أو ربما تمنياتهم لا أكثر ولا أقلّ».

بالعودة إلى التكتّل الحكومي، والذي أثار الإشكال الحالي، فإنّ المصادر الكتائبية تدعو لمقاربته بواقعيّة وعقلانيّة. «نحن لا نتحدّث هنا عن تحالف سياسي استراتيجي، كما يحاول البعض تصويره»، موضحة أنّ التكتّل ليس سوى مساحة مشتركة للتشاور بين عددٍ من الوزراء، الذين وجدوا أنّ باستطاعتهم أن ينسّقوا فيما بينهم للخروج بكلمةٍ موحّدة داخل الحكومة، وهي كلمة هي أحوج ما تكون إليها في ظلّ الظروف الاستثنائيـة المحيطة بها.

وفي وقتٍ لم يعد «امتعاض» حلفاء «الكتائب»، ولا سيما «تيار المستقبل»، من هذا التحالف بخافٍ على أحد، وهو الذي رفضت كتلته ما وصفته بـ»البدع» التي يخرج بها البعض تحت عنوان «الآلية» لتعطيل وشلّ عمل الحكومة، فإنّ المصادر «الكتائبية» تقرأ ظلمًا كبيرًا في هذا التوصيف. «ليس حزب الكتائب أبدًا من يُتّهَم بتعطيل عمل الحكومة، وهو الذي لطالما عمل جاهدًا لحلّ كلّ الخلافات التي تنشأ داخلها، وما سلوكه بعيد أزمة النفايات سوى خير دليل على ذلك، لإيمانه بأنّ هذه الحكومة هي ضرورة وضمانة، وأنّ بقاءها أساسي لتحصين البلد، الذي يعاني من فراغاتٍ بالجملة تكاد تطيح أخضره ويابسه»، تقول المصادر، التي تحرص على التأكيد أنّ هذا التحالف ليس مصوّبًا بأيّ شكلٍ من الأشكال في وجه رئيس الحكومة تمّام سلام، الذي يكنّ له كلّ المشاركين فيه كلّ احترامٍ وتقدير، وتجزم في هذا السياق أنّ هناك تواصلاً مع رئيس الحكومة تمّام سلام، متحدّثة عن لقاء مرتقب بين رئيس الحزب أمين الجميل وسلام خلال الساعات القليلة المقبلة.

بحسب هذه المصادر، فإنّ شعار «لا للتطبيع مع الفراغ» وحده كفيلٌ بإيضاح كلّ حيثيات مواقفها وسلوكياتها خلال الأيام الأخيرة، ولا يوجد أيّ داعٍ للبحث عن أسباب وخلفياتٍ أخرى قد لا تكون موجودة إلا عند أصحاب «النيّات السيئة». وتوضح أنّ رفضها لتعديل الآلية يصبّ في هذا الإطار، حتى لا تصبح الأمور يسيرة وسهلة، ويصبح بالتالي وجود رئيس الجمهورية في البلاد مثل عدمه، ما يؤسّس لأمرٍ واقعٍ ليس لمصلحة المسيحيين ولا المؤسسات، يكون عنوانه أنّ رئيس الجمهورية، حتى لو انتُخِب بعد ذلك، سيكون مجرّد «ديكور» لا يقدّم ولا يؤخّر شيئاً في التركيبة القائمة. ولا تتردّد هذه المصادر في «التصويب» انطلاقاً من ذلك على الحوار القائم بين «القوات» و«التيار»، ليس لكونها تخشى على مصيرها، بل باعتباره «تغطية للفراغ» بكلّ ما للكلمة من معنى، متهمة الفريقين المشاركين فيه بـ«التواطؤ»، عن قصد أو غير قصد، لتكريس الفراغ، متسائلة كم على اللبنانيين أن ينتظروا النتائج المزعومة لهذا الحوار، إذا كان مجرّد إعلان النوايا تطلّب كلّ ما تطلّبه من وقتٍ وأعصاب وغير ذلك.

رغم كلّ ذلك، فإنّ «الكتائب» تصرّ على أنها باقية في صلب «14 آذار»، شاء من شاء وأبى من أبى، بل تذهب الى حدّ دعوة «المنزعجين» لينسحبوا هم، باعتبار أنّها هي من تمثل مبادئ «14 آذار»، وهي التي لم ولن تحيد عنها أبدًا، على حدّ تعبـيرها.