يُقال:
أيلول طرفه بالأزمات مبلول، لكن الذي جرى عملياً أنَّ آب الذي يسبق أيلول هو آب اللهاب بالأزمات، التي بدأت تُطل برأسها مُنذِرةً بأزمة اجتماعية معيشية لا يتذكَّر المخضرمون أن شهد لبنان مثيلاً لها.
يتردد كثيراً أنَّ لا أزمة مالية أو نقدية أو مصرفية في لبنان. صحيحٌ هذا التأكيد بشهادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وبشهادة جمعية المصارف. وذلك بفضل التعاون بين الطرفين، حيث أنَّ التنسيق بين الحاكم وبين الجمعية يُقفل الباب أمام المصطادين في المياه العكرة، وأمام محاولي ضرب القطاع المصرفي الذي لم تستطع كل الحروب المتعاقبة ضربه. وها هي محاولات جديدة لضربه عبر استهداف الأكبر في هذا القطاع، أي بنك عودة، والتي أثبتت كل المحاولات أنَّ هناك مافيا عراقية – لبنانية سعت إلى ابتزازه واتخذت من بغداد منصَّة لحسابات الكترونية وهمية على فايسبوك وتويتر، لكن المخابرات العراقية بالتعاون والتنسيق مع الأمن العام اللبناني، استطاعت كشف هذا الأمر، وهناك تعقبات لملاحقة المتورطين من عراقيين ولبنانيين، خصوصاً بعدما تبيَّن أنَّ محامين ورجال أعمال متورطون مع هذه المافيات.
إذاً، القطاع المصرفي سليم، ومصرف لبنان يمسك بيد من حديد في متابعة تطبيق الإجراءات المتخذة، ولكن ماذا عن بقية القطاعات؟
هنا يبدأ التعداد لتبدأ معه المشاكل والأزمات:
من الأزمة العقارية، إلى أزمة القروض العقارية، إلى أزمة زيادة الأقساط المدرسية، إلى أزمة تسريح عدد كبير من الأساتذة من المدارس الخاصة وإلى أزمة زيادة التسعيرات لمولدات الكهرباء.
كل أزمة من هذه الأزمات من شأنها أن تشلَّ البلد فكيف إذا تجمَّعت هذه الأزمات معاً؟
اللوحات الإعلانية على الطرقات بدأت تمتلئ بإعلانات الشنط المدرسية، ينظر إليها التلميذ بعين الشغف وينظر إليها الأهل بعين الأسى والقهر والعوز:
كيف سيستطيعون توفير الكتب والقرطاسية لأولادهم؟
كيف سيستطيعون توفير الأقساط وزياداتها والتي لا ترحم؟
وإذا لم يستطيعوا توفيرها فما هو الحل؟
وهل تستطيع المدارس الرسمية استيعاب هذا الكم الهائل من الطلاب الذين سينزحون من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية؟
ماذا عن الأزمة العقارية وأزمة القروض العقارية؟
مئات المطوِّرين العقاريين تعثرت أعمالهم. آلاف الشبان والشابات أرجأوا خطط الزواج بسبب عدم توافر المنازل وبسبب عدم استكمالها من الذين استطاعوا توفيرها.
هذه الأزمة من شأنها أن تتسبب بأزمة أكبر في القطاعات المرتبطة بالقطاع العقاري، أي كل المهن والتجارات المرتبطة بالمنازل والأدوات الكهربائية وغيرها.
ماذا عن المحلات التجارية والأسواق وتجارة التجزئة؟
هل زار أحد من المسؤولين أسواق فرن الشباك أو الأشرفية أو المزرعة أو الحمرا أو جل الديب أو جونيه ليشاهد بأم العين حالة الشلل القائمة؟
هذا غيضٌ من فيض الأزمات المتراكمة، فهل يمكن أن تبدأ المعالجة قبل فوات الأوان، وقبل الإنهيار أو الإنفجار الإجتماعي؟