Site icon IMLebanon

بين ديمقراطية الانتخاب وديمقراطية التمديد

البطريرك بشارة الراعي، يحذر من التمديد الرابع لمجلس النواب، على أساس عدم الاتفاق على المراسيم التطبيقية لقانون الانتخابات الجديد، مرفقا تحذيره بالحملة على السياسة المليئة بالكذب على الناس في لبنان، وتاليا على السياسيين المأجورين.

هذا القول الذي يواليه فيه الكثيرون، كونه صادرا عن مرارة ومعاناة وعن احساس بالاحباط، شدّ انتباه الوزير نهاد المشنوق، كما يبدو، فكانت تطميناته من بعبدا، بأن هناك مجموعة خبراء تعمل في وزارة الداخلية الآن لفك طلاسم هذا القانون، ضمن مهلة شهر واحد، اضافة الى الشروع بتدريب الموظفين المعنيين بالعملية الانتخابية، مع تأكيده بأن هذه العملية ستجري في أيار ٢٠١٨، موعدها المعلن، وبواسطة البطاقة الممغنطة، ردا منه على الاعتقاد الشائع بأن هذه البطاقة، وردت في القانون، كمجرد عبارة لتبرير تمديد عمر المجلس، أحد عشر شهرا.

في الأمثال: العيون تخطئ والأقدام تعاني، وفي الموضوع الانتخابي، أخطأت عيون اللبنانيين أكثر من مرة، منذ التمديد الأول لمجلس النواب، حيث صدقت ما تراه من الأسباب السياسية والأمنية، التي أوجبت التمديد، فكانت المعاناة من نصيب أقدامهم التي مشت طويلا في سياق البحث عن الديمقراطية، التي تلاشت مع نظرية الضرورات تبيح المحظورات، المعتمدة في مختلف المناسبات اللبنانية.

وجوابا على تطمينات الوزير المشنوق، يتذكر أحد النواب مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي وقّعه الوزير المشنوق، ضمن المهل الانتخابية التي سبقت قانون التمديد من دون أن تسمح الأوضاع الراعية للأحوال اللبنانية، باقتران توقيعه بالمصادقات الرسمية الأخرى.

من هنا خوف الخائفين، ان يصطدم قانون الانتخابات الجديد بصعوبة التفاهم على المراسيم التطبيقية له، فنكون أمام جولات لا تنتهي من الحوارات والنقاشات البيزنطية، على غرار ما حصل مع القانون نفسه، لنصل في أيار المقبل بقانون بلا مراسيم تطبيقية، أو بمراسيم تطبيقية، بحاجة الى مراسيم تفسيرية، ليكون التمديد، بغض النظر عن توصيفه، ملاذنا الأخير مجددا.

ان أخشى ما يخشاه الناس في لبنان، ان يكون من بيدهم الحل والربط مقتنعين، بديمقراطية التمديد، كحاجة لبنانية مرحلية، أفضل لديمومة استقراره من الانتخابات وشظاياها الأمنية والسياسية، وبانتظار هدوء المرجل الاقليمي. وفي طليعة الأسباب الموجبة لذلك، ان أي انتخابات في ظلّ اللائحة المقفلة والصوت التفضيلي، لن تنتج مجلسا مختلفا عن المجلس الحاضر، لا بالشكل ولا بالمضمون. مع اقتصار التوزيعة على حراس المعبد العشرة…

طبعا قد تحصل خروقات، لكنها لن تكون قادرة على تغيير الموجة السائدة، ما لم تهبّ رياح خارجية عاتية. أما القول بالصناعة اللبنانية للأحداث، وان لا أحد في هذا الزمن، مضطر للرقص على أنغام أحد، كلام أمنيات، وشعر افتخار في غير محلهما، بدليل انه ما زال معظمنا، يختبئ خلف طائفته كلما ضاقت به الدروب، والبعض الآخر يحرّك أرصدته لشق الطرقات المقفلة، وكما يقول أحدهم: المال مسدس، والسياسة هي ان تعلم متى تضغط الزناد.

وكثيرون يعترفون بهفواتهم، أو ما يعتبرونها هفوات، لكن ما قيمة الاعتراف اذا لم يقترن بالتوبة، وبتغيير المسار نحو الأفضل؟

قد يستغرب البعض، قلّة يقين غالبية اللبنانيين بأن الطريق الظاهر سيقودهم الى انتخابات جديدة وبرلمان جديد، بسبب مرارة المعاناة وقسوة التجارب، بحيث باتوا مقتنعين بوصية أحد الحكماء لابنه: لا تبصم لأحد بالعشرة، بل أترك إصبعا على الأقل، فقد تحتاج ان تعضّه ندما…