لا يزال رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون محور المناقشات التي تدور على طاولة الحوار لأنه يشكّل العقدة التي تمنع إنتخاب رئيس جمهورية، ولا يزال أيضاً يشكّل محور الإتصالات التي تجري خارج الطاولة وعلى هامشها كونه أيضاً المسؤول الأول والأخير عن تعطيل مجلس الوزراء، وشلّ عمل الحكومة لأنها ترفض الرضوخ لمطالبه الكثيرة ومنها على سبيل المثال ترفيع صهره إلى رتبة لواء خلافاً للدستور وللتراتبية العسكرية وبما من شأنه أن يترك تداعيات سلبية كثيرة على هذه المؤسسة الوحيدة التي لم تُفسدها بعد السياسة وتدخلات السياسيين في شؤونها.
ولأن رئيس تكتل التغيير والإصلاح يعرف كل ذلك، يزداد تعنّتاً وتمسكاً بمواقفه ولا يُعير الاتصالات والمحاولات الجارية من الرئيس برّي والنائب جنبلاط أي اهتمام، بل يزداد تعنّتاً وتشدّداً ويطرح مشكلة جديدة، كلما تمّ التوصّل إلى حل المشكلة المطروحة سابقاً كما هو الحال بالنسبة إلى مشكلة ترقية العمداء إلى رتبة لواء حيث بيّنت المعلومات المتسرّبة أنه هو الذي نسف التسوية بعدما وافق عليها تيّار المستقبل، وحلفاؤه، وطرح مشكلة جديدة هي إعطاؤه وحده حق تسمية العمداء المسيحيين للترقية إلى رتبة لواء أي إختصار كل القيادات المسيحية الأخرى من قوات وكتائب ومسيحيين مستقلين بشخصه الأمر الذي أدى إلى إسقاط التسوية البِرّية – الجنبلاطية وعودة الأمور إلى نقطة الصفر ومعها تبقى الحكومة معطلة أو في حالة غيبوبة، وتبقى الرئاسة الأولى معلّقة إلى أن ينزل الوحي الإيراني ومعه الروسي على العماد كما نزل عليه الوحي السوري وعجّل بعودته من منفاه ليُقيم أول تفاهم مع حزب الله لا يزال لبنان يدفع ثمنه حتى يومنا هذا.
العماد نفسه كان أول الواصلين أمس إلى ساحة النجمة للمشاركة في جلسة الحوار حاملاً في جعبته خطته القديمة – الجديدة، لوضع المتحاورين أمام خيار الفشل أو الرضوخ لشروطه المستحيلة، وكان أول المغادرين، لأنه أدرك أن الفشل كان حليفه هذه المرة كما في المرات السابقة وربما كان ما فعله أُملي عليه من حلفائه الخارجيين القدامى والجدد، لأنهم يعتقدون أو يحضّرون لتطورات تقلب الموازين في المنطقة بما يحقق حلمه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية وربط لبنان بهؤلاء الحلفاء، وثمّة من يعتقد بأنه لن يعود إلى طاولة الحوار حتى ولو تمّت تسوية ترقيات الضباط بانتظار ما ستؤول إليه التطورات في سوريا بعد الدخول العسكري الروسي الذي شبّهه البعض وهم على حق بالدخول الصليبي الجديد بعد مباركة الكنيسة الأرثوذكسية له، ودعمها المطلق لقرار قيصر روسيا الجديد.
لكن العماد الحالم بالسلطة، وفق كل المعطيات المحلية والإقليمية والدولية سيظل يعيش هذه الأحلام التي ستتحوّل إلى أحلام مزعجة.