IMLebanon

بين الانتخابات  والتعيينات

مشكلة قانون الانتخابات، بالتزام الأطراف السياسية حدود المواقف، فالذي مع الستين لا يرى عنه بديلا، والذي ضدّه، لا يرى فيه نفعا، والذين مع النسبية، معها بالمطلق، والذين ضدها، ضدها بالمطلق…

وقد جاء القانون المختلط الذي صاغه الوزير جبران باسيل، بالتوافق مع بعض المعنيين كما يقول، لكن معاييره لم تكن متوازنة، بين ما هو أكثري وما هو نسبي، فاذا هناك من نعاه، وهناك من تكفّل بدفنه.

وتحولت دفّة الاتصالات والمشاورات بعده الى القانون التأهيلي الذي رسم خريطته الرئيس بري ليكون الانتخاب أكثريا على مستوى القضاء ونسبيا على مستوى المحافظة. وسرعان ما دبّ الخلاف حول نسبة الأصوات التي يتعيّن على المرشح للقضاء ان يحصل عليها، كي يتأهل للمحافظة… بين أن يعتمد الأول والثاني بحسب مجموع الأصوات. أو ان يفوز بالتأهيل من يحصل على عشرة بالمئة من الأصوات.

وقد تطوى صفحة قانون التأهيل لتفتح صفحة ثانية وثالثة ورابعة، قبل العشرين من شباط، موعد دعوة الهيئات الناخبة، ومطرحك يا ماشي…

سرّ هذا الاستعصاء انعدام الثقة بين أهل القرار، هو ازدياد النهم والطموح، تارة باسم المكونات الطائفية وأخرى باسم الحقوق السياسية، ودائما على حساب الاستقرار العام والعيش المشترك، الذي يجب أن يكون ألف ياء الجميع، بلا استثناء…

لكن من الواضح ان المتمسكين بقانون الستين، لهم مبرراتهم المصلحية والأكيدة، وهم بالمناسبة فئتان: فئة تجاهر بهواجسها المبررة للتمسك بهذا القانون، وأخرى تدعم حملتها الدفاعية عنه، من دون الظهور في الصورة، لألف اعتبار واعتبار.

بالمقابل يصرّ دعاة النسبية، على اعتمادها كليا، أو جزئيا من خلال المختلط، وهم فئتان أيضا، فئة تريدها كممر إلزامي للتغيير الذي جعلته شعار خطها السياسي، وجوهر مضمونه، وأخرى تطرح النسبية كخشبة انقاذ للتوازن الوطني، وبوابة عبور العهد الى التجديد والاستقرار، بايحاءات مستوردة جُل غايتها قصقصة بعض الأظافر النيابية، تسديدا لحسابات سابقة. وسط هذه الدوامة، عاد التلويح بتأزيم الأمور، وان العهد قد يكون أمام خمسة أشهر عجاف، فهناك من يطرح معادلة: النظام النسبي، وإلاّ فتأجيل الانتخابات، وأصحاب هذا الطرح ليسوا في الصورة، انما في ظلّها، وهناك، من يقول أما قانون الستين، واما يفتح الله… وقد رفع الرئيس ميشال عون الدوز أكثر، عندما افترض ان التأجيل، يوجب التمديد للمجلس، من هنا تفضيله الفراغ على التمديد… وبين قانون الستين والفراغ أفضل عدم دعوة الناخبين….

وطبيعي ان عدم دعوة الناخبين، يعني لا انتخابات، وبالتالي تمديد ضمني للمجلس الممدد له علنا.

واضافة على مضاف، لا يمكن تحييد التعيينات الادارية والأمنية والعسكرية عن مجريات الأمور الانتخابية المتفاقمة التعقيد، فهناك جهات رسمية تستعجل اجراء التعيينات الأساسية تجديدا للدم أو ضمانا للولاء، أو لاستعادة التوازن في مؤسسات الدولة… تقابلها جهات رسمية أخرى تفضل ان لا تفتح هذا الباب، قبل أن يتبلور مصير الانتخابات، وما بعد الانتخابات من تشكيل للحكومة العتيدة.

فهل من رابط بين تعقيد الانتخابات، وبين طرح التعيينات، خصوصا السوبر اكسترا منها في هذا الوقت بالذات؟

قد يكون الجواب في جلسات مجلس الوزراء المقبلة…