IMLebanon

بين فيصل كرامي وريفي «قلوب مليانة»… معارك بالأسلحة الثقيلة

يعتبر سياسي شمالي مخضرم انه لم يستمع مؤخرا الى وصف بليغ لواقع طرابلس الحالي كالوصف الذي جاء على لسان الوزير فيصل كرامي من الضنية في حفل افتتاح العمل بعملية تأهيل طريق عام بقاعصفرين ـ جرد الاجاص واطلاق اسم الرئيس الراحل عمر كرامي عليها بحضور وزير الاشغال غازي زعيتر.

يقول السياسي الشمالي ان الوزير كرامي وضع اصبعه على الجرح الطرابلسي المفجع حسب ما ورد في كلمته عما اسماه المشهد السياسي المفجع. وان هذه الكلمة اثارت ردة فعل سريعة من وزير العدل اشرف ريفي عبر مكتبه الاعلامي الذي وزع بيانا غير مألوف في الخطاب السياسي ولم تعرفه السياسة اللبنانية في تاريخها القديم والحديث لكن سرعان ما جاء النفي القاطع ومن مكتب ريفي ايضا مع سحب سريع للبيان من التداول.

لكن يبدو ان المكتب الاعلامي لريفي اراد ايصال رسالة سريعة دون ان يتوقع ردود الفعل السياسية والشعبية عليه ودون ان يتبادر الى ذهنه ان هذا الخطاب سيكون مردوده سلبيا على ريفي دون غيره نظرا للاسلوب الذي اعتمد في الرد بعيدا عن الخطاب السياسي الراقي، وحسب رأي السياسي الشمالي الذي رأى ان كرامي قد اصاب في توصيفه للمشهد السياسي الطرابلسي الوزير ريفي اصابة مباشرة ادت الى ردة الفعل السريعة والحانقة واستعمال الفاظ غير مألوفة ولعل الوزير ريفي كان ينتظر من الوزير كرامي هذا الموقف من الصراحة والوضوح في توصيف المشهد السياسي الطرابلسي  منذ الزيارة التي قام بها ريفي الى دارة عمه المهندس معن ونجله وليد كرامي في محاولة واضحة من ريفي لاعلان تحالفه مع فرع من ال كرامي، والدخول في لعبة الخلاف بين ابناء العائلة الواحدة.

وهذا اسلوب لم تألفه طرابلس حتى في اصعب الاوقات التي مرت لا سيما في البيت الكرامي الذي بقي موحدا منذ عهد المفتي الرئيس عبد الحميد كرامي مرورا بعهد الشهيد رشيد كرامي وصلا الى عهد الراحل عمر كرامي.

ويرى السياسي الشمالي ان سياسة ريفي في طرابلس تعتمد على استيعاب القيادات والقوى المستبعدة في الحياة السياسية الطرابلسية والتي لا تجد مكانا لها في قوى 14 اذار ولا في قوى 8 اذار وانه يبني لنفسه حيثية مستقلة على الساحة الطرابلسية تؤسس لتياره السياسي المتمايز عن تيار المستقبل ولذلك فان حركته تصطدم باكثر من اتجاه ومع عدة قوى وتيارات سياسية. ولم يكن الصدام الاخير مع  كرامي الا احد المعارك السياسية التي تدور بين الرجلين لان ريفي يصوب على الزعامة الكرامية التي يقودها الوزير فيصل كرامي الممثل لنهج والده في ثوابته القومية والوطنية والعروبية وهذا التصويب ناتج عن خلفية ان كرامي لا يزال يتمتع بحيثية شعبية لا يستهان بها، فوالده في انتخابات جرت نال ثلث الاصوات الناخبين الطرابلسيين وقد خاضها حينها وحيدا، وتمكن كرامي من حماية هذا الارث خاصة وان انصار كرامي معروفون بوفائهم وثباتهم في الولاء ولم يسجل في صفوف قواعد ال كرامي ايّ انقلاب او تنقل بين الزعامات السياسية الطرابلسية.

ولكن الذي ازعج  ريفي حين صدر عن مكتبه ذلك البيان الذي تم سحبه من التداول واصبح بيانا لقيطا هو ان كرامي قد تناول الحركة السياسية في طرابلس بوصف رأى فيه ان المدينة التي خرجت منهكة اقتصاديا ومعيشيا لم تدخل عصر السلام والاعمار بل تعرضت لعملية افقار وحرمان ممنهجة وانتهى بها الامر الى مدينة موظفة في خدمة مشاريع سلطوية وانتخابية وجاهزة لتأدية دور الساحة المفتوحة للمغامرات الامنية التي استباحت الارواح والارزاق.

وقد لاحظ كرامي ان المدينة اغرقت تحريضا وافقارا واستغلوا طيبة اهلها وايمانهم الفطري الصادق واقنعوهم بان العدو ليس اسرائيل وصار العدو هو الشريك في الوطن الواحد والشريك في الدين الواحد والشريك في المبادئ القومية الواحدة. ويغمز من قناة ريفي ويقول «اتى مهرج سياسي محترف لكي يقتات على جيفة الماضي الذي ينتمي اليه ولكي يأخذ المدينة الى امبراطورية التهريج متنطحا باسمها لمناطحة الشرق والغرب ولتحديد العدو والصديق ولتحدي القريب والبعيد في واحدة من اكثر نوبات جنون العظمة تفاهة وضحالة وعلى مقاس التهريج الجاري حاليا فان طرابلس «عروبية» لكن ترجمة هذه العروبة لا تكون ضد اسرائيل بل عبر الفتنة بين المسلمين وعبر الحلف المقدس مع صنيعة اسرائيل سمير جعجع وعبر تشويه تاريخ رشيد كرامي شهيد الوطن والمدينة وشهيد العروبة والوطنية الصافية».

ويرى كرامي ان هناك من يصعد الى المسرح مهرجون ومعاقون وفراعنة الوهم وطامحون بالسلطة والمال تحركهم شهوات مريضة ويجدون المطبلين الذين يقولون لهم ان الحماقة جرأة وان التهور شجاعة وان الفرصة سانحة للسطو على ارث متروك بابخس الاثمان واني لاول مرة ابارك النأي بالنفس، وبالنسبة الي معركته مع اولياء نعمته وليس معي، انا في خط اخر تماما، وفي نهج اخر تماما، وكما فعل الرشيد في الازمنة العصيبة وكما فعل عمر في الايام السود ارى ان واجبي الاول والوحيد هو حماية ضمير طرابلس ووجدانهم والثبات على المبادئ التي تمثل هذه المدينة. ثم يرى انه مهما تضخمت الرؤوس دون ان تدرك اصحابها ان هذا التضخم هو من هواء لان الذي يمشي عكس التاريخ والمبادئ والاخلاق والكرامة سيعبر مع الهواء كما يعبر الهوائ الفاسد.

 ما حصل بين كرامي وريفي اشاع اجواء في البلبلة في صفوف انصار الوزيرين وترك علامات الاستغراب في الاوساط السياسية للرد العنيف الذي تولاه المكتب الاعلامي الذي سُحب  لاحقا بسبب ردود الفعل الشعبية الشاجبة والتي رفعت من منسوب الحالة الشعبية المؤيدة  لكرامي لسبب وحيد هو ان خطوات ريفي باتجاه دارة معن كرامي شكلت محاولة زيادة الشرخ في العائلة الواحدة واللعب على المتناقضات حسب ما يقوله السياسي الشمالي المخضرم. والدخول في لعبة المتناقضات العائلية هو من المحرمات في التقاليد الطرابلسية الموروثة بحيث لا يجوز بناء زعامة على خلافات عائلية، خاصة اذا كانت عائلة سياسية طرابلسية عريقة.