بعد “الهمروجة” التي حصلت في قضية ضو- فتوش، وشطب الأخير من نقابة المحامين، فجّر النائب نقولا فتوش في مؤتمر صحافي قضية الوزير ميشال فرعون، وهي دعوى شخصية عليه من زوجته بجرم الزنى.
هل الفصل بين الحياة الشخصية والعامة في لبنان واقع او بالعكس، وهل تؤثّر تصرفات المسؤول في حياته الخاصة على حياته العامة؟
لبنان، بالمبدأ، مجتمع شرقي ومحافظ، وما زال يتمسّك بالكثير من العادات والتقاليد، والمساكنة فيه مثلاً أمر محظور وغير مألوف، والقوانين ما زالت متخلفة في هذا الشأن، ولا تواكب تطور المجتمع والحياة العصرية.
لا يعنينا ولا يهمنا التدخّل في شأن خاص أو الحكم على وزير السياحة ميشال فرعون، لكن المجتمع اللبناني، في معظمه، يعتبر نفسه معنياً ومهتماً، ويرى أن لهذه المسألة أهمية تشغل الرأي العام.
في فرنسا، مثلاً، أنهى ملف دومينيك ستروس مسيرته السياسية، لكن القضية كانت قضية اتهامه بالاغتصاب. وأما مسألة الرئيس فرنسوا هولاند التي شغلت الصحافة والرأي العام، فاضطر الى حسمها على رغم أنه لم يكن متزوجاً. ومسألة الرئيس فرنسوا ميتران وابنته مازارين ايضاً، كانت الشغل الشاغل للرأي العام، على رغم ان هذا الملف ظهر بعد تركه سدة الرئاسة.
في الولايات المتحدة العائلة مهمة جداً، ولهذا تظهر في الحملات الانتخابية، العائلة مجتمعة في الإعلام وفي الندوات. وفضيحة الرئيس بيل كلينتون كادت ان تكلفه أكثر بكثير مما كلفت حرب العراق الرئيس جورج بوش، إذ طولب باعتراف، ومن ثم بتفسير، لأن الكذب على الشعب ممنوع، والاعتراف بالخطأ أفضل لدى الرأي العام من خطيئة الكذب، حتى لو كان عذره أنه ضُلل.
وهكذا يدخل الشخصي بالعام في معظم دول العالم، لأن الناس تنظر الى الرؤساء والمسؤولين كأنهم فوق الزلل، والخطأ ممنوع عليهم، مما يجعل مستقبل هؤلاء رهينة لأي فضيحة أو كذبة. وفي مكان ما يعتبرون ان القيم في السياسة ناتجة من القيم في المنزل.
لكن في لبنان، هل للحياة الخاصة تأثير على رأي الناخبين؟ وهل سيحاسب الناخب من لا يحترم التقاليد، والزواج، والعائلة؟ أم ان هذه الامور تضمحل في أذهان الرأي العام اللبناني والمجتمع الذي يعتبر نفسه تقليدياً؟ أم لعل هذا الرأي العام، الذي اعتاد الفساد والكذب والتبدل والتقلب في المواقف، وبيع الكرامات، لم يعد يبالي بفضيحة شخصية، ويراها لا تستحق المحاسبة؟!
يكاد الأمر يكون بديهياً، كيف يمكن مجتمعاً لا يحاسب الذين يحولون دون انتخاب رئيس، أو من مدّدوا لأنفسهم على رغم أنف الشعب، أو من ورّطنا في أتون الحرب السورية، ان يحاسب السياسيين على أمور شخصية؟ وإذا كان الأخطر من ذلك لم يحاسب أحد عليه، فمن يهتم لما بين فتوش وفرعون؟