IMLebanon

بين التشريع المالي الضروري  وبين الميثاقية المُلزِمة

 

اللبناني في أسوأ أيامه لأن حكومته ومجلسه النيابي وضعاه في هذه الخانة من السوء، وأي مسار تسير فيه الأمور سيشعر نصف اللبنانيين بأنهم انتصروا على النصف الآخر. فإذا اجتمع المجلس اعتبر نصف اللبنانيين انهم انتصروا والنصف الآخر انهم انهزموا، والعكس صحيح. فهل يُعقَل أنَّ اللبناني يشعر بالنصر وبالهزيمة حتى في التشريع؟

إنها جمهورية الفتنة حيث الحكومة ومجلس النواب، معاً، ويتسابقان على قهر اللبناني، حيناً بعدم التشريع له أو بعدم تطبيق ما هو مُقَر، وحيناً آخر بتركه حتى اللحظة الأخيرة لإجراء التشريع على حافة الهاوية.

***

ماذا يجري اليوم؟

وأي هاوية يُهدّد اللبناني بها؟

هناك ثلاثة قوانين مُلزَم لبنان بأن يُقرها وإلا أصبح من الدول المارقة الخارجة عن الشرعية الدولية مالياً، هذه القوانين هي:

المعاهدة الدولية لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب.

نقل الأموال عبر الحدود.

مكافحة تبييض الأموال.

إذا لم يُقر لبنان القانون الأول الذي هو انضمام لبنان إلى المعاهدة الدولية لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب فإن تبعات هذا الامر هي:

وقف كل العمليات المالية المتعلقة بالعملات الأجنبية وبالعمليات مع الخارج، وقف التعامل مع مصارفه، وصولاً إلى عدم توافر السيولة بالعملات الصعبة.

هذا الوضع سيجعل لبنان يتعرض لأقصى عقوبة اقتصادية في تاريخه، وسيكون بمصاف دولتين:

الصومال وجزر القمر.

***

هذه هي النتيجة المرتقبة، في حال الإخلال بالإلتزامات، ولكي لا نصل إلى هنا فإنَّ حاكم مصرف لبنان دق ناقوس الخطر لئلا نصل إلى هذا الوضع، وقبل ذلك كان استحصل من السلطات النقدية الدولية على تمديد جديد، وللمرة الأخيرة، للمدة التي يجب أن يقر فيها لبنان، التشريعات المطلوبة، وتحدد تاريخ 31/12/2015 كآخر مهلة.

إذاً لبنان أمام أقل من شهرين لينقذ نفسه من لائحة الدول الخارجة عن الشرعية الدولية مالياً، فلماذا أوصل نفسه إلى هنا؟

ولماذا ربط هذه البنود الملحة ببنود تحتاج إلى المعادلة الميثاقية؟

مسيحيون يعتبرون أنَّ التشريع في ظل الشغور في موقع الرئاسة يعني أن الطرف الآخر في البلد كأنه يقول:

بإمكان تسيير البلد من دون رئيس للجمهورية. إذاً، طالما بالإمكان جمع مجلس النواب فلماذا لا يتم إنتخاب رئيس؟

مسيحيون آخرون يعتبرون أنَّ التشريع المالي مهم لكن مشاريع قوانين تتعلَّق بالقانون الجديد للإنتخابات النيابية وباستعادة المغتربين لجنسيتهم، هي مشاريع ملحة ويجب أن تُقر في جلسة التشريع المالي.

وهكذا، بين الإلحاح المسيحي على قانون الإنتخابات وعلى قانون إستعادة الجنسية، وبين الإلحاح من الطرف الآخر على التشريعات المالية، يقف لبنان على حافة التشريع:

إذا لم تُقر القوانين المالية نكون قد خرجنا من الخارطة الدولية.

إذا انعقدت الجلسة من دون مشاركة التيار الوطني الحر والكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية، تكون في نظر هذه الكتل المسيحية الأساسية غير ميثاقية، فهل يصبح الميثاق في لبنان وجهة نظر.

إنها ظروف عصيبة وأيام عصيبة.