Site icon IMLebanon

بين فؤاد السنيورة ونهاد المشنوق

أقلّ ما يمكن أن يفعله الرئيس فؤاد السنيورة ردّاً لجميل الرئيسين الحريري الإبن والأب، هو الاحتفاظ بموقفه لنفسه من انتخاب العماد ميشال عون، وأن يكتفي بالتزام الصمت تجاه من قدّم له فرصة حمل لقب «دولة الرئيس» مرّتين، لا أن يبادر وفور انتهاء الرئيس سعد الحريري في واحد من أهمّ خطاباته إلى المزايدة عليه بإعلان عدم انتخابه لرئيس كتلة التغيير والإصلاح رئيساً، في لحظة ربما اختارها للإعلان بشكل غير مباشر أنّه «الرأس الآخر» لتيار المستقبل، مؤكداً ما دأب فريق الثامن من آذار على ترديده عن تيارين متصارعين داخل البيت المستقبلي!!

أما الباقون من نوّاب المستقبل الذين تبجحوا بعدم انتخابهم لميشال عون، فلا يستحقّون حتى التوقّف للحديث عن موقفهم، قبل أن يضمهم الرئيس سعد الحريري لكتلته النيابيّة كانوا «نكرات» في السياسة، وربّما توهّموا أنّهم في الانتخابات المقبلة سيبقون نوّاباً بمعزل عن سعد الحريري ونوّاب كتلته، وحساباتهم في هذا خاطئة جدّاً جدّاً، وهي فرصة ليعرف الرئيس الحريري الوجوه الحقيقيّة لبعض من منحهم فرصة العمر وحملهم إلى الندوة البرلمانيّة علّه يُدرك بعضاً من أخطائه في الاختيار!!

عندما حمل الرئيس الحريري الأب رفيقه فؤاد السنيورة إلى وزارة الماليّة بالكاد وجد قلّة قليلة من اللبنانيين تتعاطف معه وهو يمعن في فرض الضرائب على جيوب اللبنانيين حتى أرهقهم، ولم تنفع كلّ إطلالاته التلفزيونيّة لشرح سياساته المالية في تغيير مشاعر اللبنانيين فيه، ثمّ حملته دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى السراي الحكومي ليحمل لقب دولة الرئيس، ومن المؤسف أن كلّ الدّعم الذي تلّقاه في فتره حصاره في السراي الحكومي من الرئيس سعد الحريري ومن حلفاء الحريري ومن أبناء الطائفة السنية أخرجه من حكومة العام 2005 موفور الكرامة مرفوع الرأس وبإصرار أن يترأس مرة ثانية أولى حكومات عهد الرئيس ميشال سليمان وسط رفض مهين من حزب الله لمجرّد طرح اسمه لرئاسة الحكومة، ومع هذا أصرّ الرئيس سعد الحريري على موقفه فكانت رئاسة الحكومة من حظّه للمرّة الثانية، ومؤسف أن نكون مضطرّين لجردة الحساب هذه، هل يستحقّ «الإبراء المستحيل»، هذا التمرّد من رئيس كتلة المستقبل على رئيس تيار المستقبل وحامل «صليبه» الثقيل، ما قاله نواب الإصلاح والتغيير في سعد الحريري لم يقله مالك في الخمر، وقد تجاوز الحريري الإبن كلّ مشاعره الشخصيّة «من أجل لبنان» أفلا يستحقّ لبنان من الرئيس فؤاد السنيورة التزام الصمت وأشياء أخرى.. ولووووو… تخنّتها كتير دولتك»!!

الآن، ما علاقة الوزير نهاد المشنوق بالرئيس فؤاد السنيورة، كفؤاد السنيورة كان المستشار الإعلامي للرئيس رفيق الحريري عقلاً آخر مفكّراً إلى جانب الرئيس الحريري الأب، وفي لحظة «بلطجة» من نظام الاحتلال السوري اتُخِذَ قرارٌ بإبعاد العقل الرزين الحكيم نهاد المشنوق ونفيه، وخوفاً عليه نصحه الرئيس الحريري بمغادرة لبنان حتى لا يكون هدفاً أمنياً والتهمة جاهزة، ومتبني التنفيذ سيكونون جاهزين على طريقة «أبو عدس»!!٠

وعلى مقلب «الوفاء» للرئيسين الحريري الأب والإبن، نجد الوزير نهاد المشنوق واقفاً وقد انفرد وتفرّد من بين الذين اختارهم الرئيس الحريري لمهامهم الوزاريّة، بأن ظلّ حريصاً على البيت المستقبلي الواحد لم نسمع منه أو عنه موقفاً واحداً تجاوز فيه سياسات الرئيس الحريري، حتّى في عزّ الحملات العاتية عليه تعمّد فريق المستقبل النيابي والوزاري التزام الصمت بالكاد سمعنا منهم استنكاراً في واحد من بياناتهم، ونعرف وبالإسم من الذين يكيدون للوزير نهاد المشنوق ويستهدفه بشكل منظّم ومن قلب «المستقبل» وإن ترفّع الرّجل عن ما تسميته بالمنافسة ـ من طرف واحد ـ وللأسف هي منافسة غير شريفة وغير مطلوبة…

نهاد المشنوق صاحب العقل البارد والأخلاق الرفيعة و»الكلمة في حدود الكلمة» ترفّع كثيراً عن محاولات فتح الصراعات في وجهه، الرّجل يعمل، ويعمل، ويتحمّل مسؤوليات كبرى في ظلّ مجموعة غرّها غياب الرئيس الحريري فعاثت في التيار فساداً، ولا نريد أن نقول أكثر من هذه في هذا المقام، إكراماً لهذه الأيام الثقيلة على الرئيس سعد الحريري، وإكراماً واحتراماً لإنجازات وزير الداخلية وإنجازاته في وزارته، فهو من نوعية «وقل اعملوا فسيرى الله عملَكم ورسولُهُ والمؤمنون»…

لحظة الحساب آتية لا محالة فلا صداقة أميركا ولا الاتحاد الأوروبي ولا رأيهم سيعيد من يشتهي العودة إلى السراي، الاستشارات النيابية الملزمة ستحمل الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهذه المرة عليه أن يحسن اختيار رجال هم «أهل الوفاء» وليس «أهل الغدر»، صمت نهاد المشنوق في هذه المرحلة صمت بليغ، ولهذا الصمت البليغ سبب كبير، يدرك الوزير نهاد المشنوق أنّ الوقت فقط لارتفاع صوت واحد، هو صوت سعد الحريري، أما الآخرين أصوات النشاز فسيتوقفون قريباً عن فتح دكاكين مواقف المزايدة، ولاحقاً سيقفلونها ويبحثون عن تيار جديد يؤسسونه، أو سيدخلون من جديد ليحافظوا على غطاء سياسي لم يكشفهم يوماً، ومع هذا اختاروا في لحظة عصيبة عليه أن يعرّوا ظهره لطعن الخناجر، وتلقّي الضربات ومن أهل كتلته وبيته المستقبلي..

كان الله في عون الرئيس سعد الحريري على هكذا كتلة نيابيّة، أقل واجب يفعله الرئيس الحريري هو الاستغناء عن خدماتهم «اللي بلا طعم» في الانتخابات المقبلة، وإنّهم يرونه بعيداً ونراه قريباً.