من كان ليقول قبل ٢٥ عاماً انه سيأتي يوم يرشح فيه الحكيم الجنرال؟ فمن الحروب الى الكره المتبادل أصبحنا اليوم في زمن المفاوضات والتحالفات ورد الضرب للحليف الذي تحالف مع الآخر من دون الاستشارة والتفاوض!
اليوم نحن أمام مشهد جديد. تحالف وتقارب بين جعجع وعون، وتقارب بين “المستقبل” وفرنجيه. فمَن يصل الى الرئاسة الاولى؟ ومَن المنتصر من التحالفات الجديدة والانقسامات الجديدة؟
مصادر قريبة من “المستقبل” تؤكد معادلة فرنجيه او لا أحد، وان فرنجيه يمكن التواصل معه وأخذ ضمانات منه باعتباره لا يمثل “حزب الله” وإيران بقدر ما يمثلهما الجنرال عون. اما جعجع فيعتبر قريبون منه ان الحريري لم يستشره قبل طرح ترشيح فرنجيه، وهو بدوره سيتصرف كما يحلو له، معتبراً ان طرح عون استراتيجي وان الحزب لن يتخلى عنه وسيستحيل وصول فرنجيه لانه لن يستطيع كسب الاكثرية التي يحتاج اليها. ومن جهة أخرى، اذا وصل عون فسيربح جعجع وسيظهر بصورة من يهمه التمثيل المسيحي اولاً، وسيتحالفان في الحكم، وإذا فاز فرنجيه فسيصبح تحالف عون – جعجع أكبر معارضة مسيحية، لانه معروف تاريخياً انه حيث يجتمع الثلاثي (جنبلاط – الحريري – بري) يذهب المسيحي في الاتجاه المعاكس خوفاً على وضعه.
كل هذه تحليلات، لأن بعض ما حصل في القاهرة وفي السعودية جمد المبادرة الرئاسية التي تنتظر ظرفاً خارجياً آخر أكثر ملاءمة. والواقع ان السياسة في لبنان أثبتت أن لا مبادىء توجهها ولا ركيزة، وعدو اليوم يمكنه أن يكون صديق الغد، والعكس صحيح، هذه المعادلة اثبتت ان الموت من اجل قضية او زعيم في وطننا هو موت بلا جدوى، لأنهم في اليوم التالي يقلبون تحالفاتهم ويتجالسون بعد سقوط آلاف الشهداء، وفي أحسن الأحوال تكون الدماء ورقة تفاوض لا أكثر. ففي هذا الوطن لا ينبغي الانجرار وراء أحقاد السياسيين والدفاع بشراسة عن مبادىء الزعماء الذين ينقلبون في اليوم التالي.
لكن رغم كل هذه السلبية، لا يمكننا سوى ان نقول ان الشيء الوحيد الإيجابي هو انهم مازالوا يتحاورون في شرق، الفتنة فيه في أوجها، وما زالوا يطرحون أسماء لا تشبههم لمصالح خاصة ربما، لكن هذه الطروحات يمكن ان تخفف التشنج وتثبت للمواطن ان كره الآخر ورفضه هو دون جدوى لانهم في دقيقة واحدة يجتمعون…
في كل هذه اللعبة الرئاسية، على الأقل يجب الافادة من كسر نهجي 14 و8 لجهة انتاج الحقد بين الناس والفشل في الحكم لعشر سنوات… لربما التحالفات الجديدة تكون أكثر إيجابية في الحياة السياسية اللبنانية، ولو ان الأمل ضئيل لان الطبقة السياسيةً هي نفسها واللاعبين بمصيرنا هم أنفسهم!