IMLebanon

ما بين فرنجيه والحريري «ثقة» لا يمكن ان تتزعزع

من معقل عون الكسرواني والذي تربع على عرشه نائباً بامتياز في المجلس النيابي وزعيماً مسيحياً من الدرجة الاولى وعلى مقربة من معراب حصن الدكتور سمير جعجع يطل النائب سليمان فرنجية من جونيه بالذات ومن داخل البيوتات الخازنية السياسية العريقة في المنطقة ليرفع من مستوى تحدي من اعتبر انه يمثل اكثر من ثمانين بالما’ة من المسيحيين ولتبتعد المسافة مع العماد ميشال عون الى نقطة اللارجوع بحيث تشير المعلومات الى ان بعض الاحاديث الجانبية بين فرنجية والوزير السابق فريد هيكل الخازن ان لا تواصل ابداً مع الجنرال منذ مدة ليست وجيزة بل ان هناك انقطاعاً تاماً في العلاقات بين الرجلين الى ما تحت الصفر.

وتعتبر مصادر مقربة من فرنجية ان رفع مواقفه تأتي بناء على معلومات من الرابية ان عون لن يسمح لرئيس المردة بالقفز فوق مكتسباته الشعبية ونسبة الفوارق بين قوة الرجلين ان من حيث التمثيل النيابي او الشعبي حتى ولو خرج الرجلان من السباق الرئاسي بشكل نهائي، وفيما تشير هذه المصادر الى ان الحليفين السابقين باتا في مواقع متناقضة الى حد كبير وان لم تكن علنية من خلال الاعلام، الا ان واقع الحال ينبئ ان فرنجية من سابع المستحيلات ان يتراجع ومهما كلف الامر، وان ترشيحه لرئاسة الجمهورية لا «يمون» عليه احد فيه، هذا الكلام القاطع لهذه المصادر يستند الى التهكم الذي أبداه فرنجية من انه والشيخ فريد الخازن محسوبان على الـ 14 بالمائة المتبقية لهما من حساب عون وجعجع معطوفاً على جدية في القول والبوح: ان الحريري في قلب فرنجية بالرغم من تلميح فرنجية ان عدم نزوله الى جلسات الانتخاب مرتبط بتعقيد الوضع ربما في اشارة الي حلفائه الباقين في الثامن آذار كالرئيس نبيه بري وحزب الله.

وفي علم هذه المصادر ان رئىس تيار المردة يستند الى عامل الوقت كعامل رئيسي في انتخابه رئيساً للبلاد، وهو قد كرر في اكثر من مناسبة انه لا يريد احراق المراحل مما يعني ان الرجل لديه اجندة متينة يستند اليها محلية واقليمية وحتى اوروبية مرتبطة برزنامة محددة او «بأمور معينة» كما قال الرئىس سعد الحريري بالامس من المجلس النيابي وزاد عليها بالدعوة الى عدم الذهاب مع البعض الى امكنة اخرى اي الى امكانية سحب ترشيحه لفرنجية، وهذا يعني ان جميع الرهانات التي يعول عليها البعض لتنازل فرنجية للعماد عون مجرد ضرب من ضروب الخيال ذلك ان فرنجية وربما عون ذهبا نحو طريق لا عودة منها.

وحين يقول فرنجية ان القوات والعونيين لا يمثلون المسيحيين لا في الماضي ولا في الحاضر بل ان رئيس تيار المردة، استعمل مبدأ البوح بأن في المسألة نكاية، على حد قول المصادر، ذلك انه لدى عودته من لقاء الحريري في فرنسا كان المسيحيون بأكثريتهم معه، وبذلك تكون مصيبة مجيء فرنجية رئيساً قد جمعتهم ولم يدخل الحنان والحب الى قلبيهما لمجرد الوحي بل انهم جعلوا من انفسهم اكثرية حينما وجدوا ان وصولي الى بعبدا ميسراً، وبالتالي فان هذه المصادر ترى في دخول فرنجية في عمق المفردات والعودة الى العام 1988 محطة انطلاق نحو تعزيز ترشيحه واعتباره انه يمثل المسيحيين كباقي الاطراف.

وكلام فرنجية من منزل آل الخازن في جونيه تقرأ فيه هذه المصادر نوعا من فقدان ثقة فرنجية بعون واضعاً، اياها وفي وقت سريع في عهدة الرئيس الحريري الذي يثق به كثيرا بل انه وضع عمره الزمني في خانة المعرفة الشديدة والتفضيل بين من هو مخلص او غير موثوق به لانه اصبح باستطاعته ان يميز الناس «وفق سنه»، وفي خلاصة تموضع فرنجية تجزم هذه المصادر ان ما بينه والحريري لا يمكن ان يتزعزع، ففرنجية لديه فرصة سانحة للوصول الى بعبدا يمكن ان لا تتوافر لاحقا وله الحق في ذلك والحريري ومن وراءه لديهم ارتباط بهذا الترشيح النهائي اقله حتى الساعة.

ولكن اشارة رئيس تيار المستقبل بالامس الى ان الحوار مع حزب الله سيصل الى نتيجة يوماً ما يعني وبحسب المصادر نفسها، ان في طيات هذا الاتفاق الذي سيتوج فيما بعد ان الرئاسة جزء اساسي من الحوار بين الطرفين وعلى حزب الله وفق هذه المصادر اقناع العماد عون بالسير بفرنجية رئيسا للجمهورية، وذلك وفقا لقواعد الاشتباك القادمة والهدنة التي ستتم تقويتها في سوريا وعندئذ سوف نحضر شياطين الرئاسة على الطاولة بالرغم من تمسك حزب الله بترشيح العماد عون، فالمسألة حسب هذه المصادر لا تنحصر في الشق اللبناني من الازمة المستعصية على الساحة الداخلية بل مرتبطة بجملة عوامل سوف يتبين من خلالها الخيط الابيض من الاسود وعلى هذا الاساس لا بد من تقديم التنازلات المتبادلة، ولا ترى هذه المصادر ان حزب الله بعيد عن فرنجية في النهج السياسي وهو يحتفظ له بمكانة خاصة لدى فك رموز الرسائل الكبرى.

ولكن الى اين تتجه الامور الرئاسية؟

هذه المصادر تستعرض جملة من الوقائع القائمة لتبني عليها مشهدا واضحا يتلخص بالآتي:

1- من المؤكد ان فرنجية وفي مفارقة موضوعية لا يراهن كحليف الحريري على سقوط نظام الرئيس بشار الاسد ولا على تحجيم المقاومة، وكل من موقعه السياسي الثابت عليه سوف يبقى قائما، فرنجية حليف لسوريا والمقاومة والحريري في الموقع النقيض انما مسألة رئاسة الجمهورية تمر بين الخيطان الرفيعة التي تربط كل من الرجلين، وبغض النظر عن هدف الحريري المعلن بشوقه نحو ملء فراغ الرئاسة فان اي اهداف اخرى يمكن البناء عليها مبهمة حتى الساعة اقله في مسألة الترشيح من قبل خصم لدود لحزب الله لحليف ودود له، ليس في الامر مقاربة صعبة كما اوضح فرنجية بالذات فالبلد لا يشبه سويسرا في اي امر.

2- لن يتراجع العماد ميشال عون عن ترشحه حتى ولو انشقت الارض كما يقول احد حلفائه بيد ان الجنرال يراهن على الحرب في سوريا وتداعياتها لتمهد له طريق بعبدا وعلى حليف صادق ومتين لحزب الله يضاف اليهما ان لا احد ينكر على الجنرال تمثيله الواسع وسع الوطن ولكن وفق هذه المصادر فان مجمل رؤساء الجمهورية السابقين كانوا لا يملكون كتل اًنيابية ولا حتى شعبية ووصلوا الى بعبدا، وبمعنى آخر فان المواجهة بين عون وفرنجية لا تنطوي على تعداد للاصوات والتي هي مجرد مزحة بل هناك واقع سياسي محلي واقليمي يفرض رئيسا للجمهورية وان كانت هذه القاعدة مرعبة الى حد بعيد بفعل قتلها للتمثيل الشعبي وللعمل الديموقراطي الا ان الجنرال وفرنجية يعيان تماماً كما قال الاخير: فلنترك الوقت للوقت وهنا يغمز فرنجية من قناة التفاهم الاخير بين عون وجعجع واطمئنانه الى عدم ديمومته الى امد بعيد.

3- لا شك ان الحشد الصحافي ووسائل الاعلام التي وصلت الى دارة فريد هيكل الخازن في جونيه كانت كفيلة بأن المضيف والزائر يطلقان النار معاً على تحالف جعجع – عون لمصلحة البيوتات السياسية من زغرتا وصولاً الى كسروان وان الاستحقاقات القادمة سوف تشهد هذا الصراع بين الاحزاب والعائلات خصوصا في الاستحقاق البلدي، ولكن حصاد الخازن كان وفيراً حىن شدد فرنجية على انهما معاً الان وفي الدولة لاحقاً.