IMLebanon

بين الحريّة والصيغة ماذا يختار المسيحيون؟!

الأرجح ألاّ تصدر تعليقات على موقف الرئيس تمام سلام الذي تحفظ في قمة اسطنبول الإسلامية عن البند المتعلق بحزب اللّه في البيان الختامي الذي أصدرته القمة… فلا هذا الموقف مفاجىء أو جديد، ولا ردّ الفعل الخليجي بقي في مستوى الإستنفار العالي. والواقع أن ثمة نتيجة واضحة وهي تستخلص من ثلاث تجارب: تجربة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل المزدوجة في القاهرة واسطنبول، وتجربة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب، وتجربة رئيس الحكومة تمام سلام الأخيرة. وبالتالي فإن لبنان الحريص على عدم توسيع الشقة بين أطياف نسيجه الوطني، لا يمكنه أن يدين طيفاً من هذه الأطياف، حتى وإن كانت «الأسباب الموجبة» كثيرة في نظر طرف وغير متوافرة أساساً في نظر طرف آخر.

وهكذا يعود الرئيس سلام من اسطنبول وقد إجتاز لبنان مطبّاً آخر يجدر الإعتراف بأنّ إجتيازه ما كان ليمرّ بسهولة لولا أنّ دول الخليج العربي، وبالذات السعودية، خفّفت من مواقفها الحادة، وقد يكون هذا التخفيف مدخلاً الى تطورات ذات طابع إيجابي، ما يسهم في إمكان إنتخاب رئيس للجمهورية ليس (بالضرورة) مرشحاً بعينه وقد صدرت غير إشارة، إن من الرياض أو من سفيرها في بيروت، إلى أنها (أي المملكة) ليست متمسّكة بأي مرشح.

يحدث هذا في وقت يشهد الوسط المسيحي شبه إنتفاضة يتعذّر المدى الذي قد تبلغه إعتراضاً على أمور كثيرة… وكانت هذه الزاوية أوّل من أضاء عليها في سلسلة مقالات تناولت ما يجري بعيداً عن الأضواء. ومن دون التخفيف من مسألة التوازن بالتعيينات في الدولة (إدارة وأسلاكاً عسكرية وأمنية) جرى التداول في الواقع المسيحي خلال إجتماع حضره مقامات روحية ومرجعيات حزبية وفعاليات مدنية، وعرضت خلاله النقط الآتية، ننقلها بأمانة:

أولاً – واضح أنّ التحفظ من قبل الوزير المسيحي يثير «ثورة» بينما التحفظ من رئيس الحكومة أو الوزير المسلم يمرّ دونما أي مجرّد ملاحظة.

ولا يُعْتّدُّ هنا بالتفسيرات، لأنّ الرجوع الى المحضر أثبت، بالصوت والصورة أن الوزير المسيحي ذهب الى المدى المطلوب في إدانة التعرض للسفارة والقنصلية، وكذلك في التمسك بالتضامن العربي.

ثانياً – عندما إنتقد العماد عون وفريقه السيّد عبد المنعم يوسف كان ردّ الفعل أن عون يحمل على أهل السنة… وها هو جنبلاط يتجاوز بكثير ما ذهب إليه عون، ولم يرتفع صوت واحد!

ثالثاً – عندما كان يجب التمديد للعميد شامل روكز أو توليه موقعاً معيناً أسقط التمديد، وقيل لا يجوز إسناد الموقع اليه لأنّ «الأقدمية» لا تسمح بذلك، ولكن عندما عُين، أخيراً، مدير للمخابرات، لم يؤخذ بالأقدمية ما اضطر الى إجراء حركة تشكيلات شملت أكثر من 20 عميداً هم «الأقدم» من ذلك الذي صار مديرهم. لماذا؟ لأن روكز مقرّب من التيار المسيحي الكبير والذي إزداد كِبراً بعد ورقة معراب.

رابعاً – وخامساً – وسادساً (…).

إننا نشير الى بعض هذه الوقائع التي تجري ليس لأننا نكشف اسراراً… إنما فقط لكي يطلع الجميع على أنّ ثمة شيئاً ما غير مسموح تجاهله وهو ينذر بالكثير مما لا نود ذكره من آراء ومقترحات متداولة نعترف بأنّ بعضها ينطلق من قول لغبطة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، أمَدَّ اللّه في عمره: «إذا خُيرنا بين الحرية والصيغة… إخترنا حريتنا».