لم يعد هناك ادنى شك ان الحبل الذي انقطع بين الرابية وبنشعي على خلفية عملية شد الحبال الرئاسية صار يصعب وصله او تقريبه على الأقل في المرحلة الحالية ريثما تنجلي الصورة الرئاسية او يلوح في الأفق ما يؤشر الى حلحلة ما قد تعيد ترتيب العلاقة التي تشظت بشكل مخيف بين الحليفين المسيحيين وبشكل ليس من السهل ترميمه او تجميله . فيوماً بعد يوم تقول مصادر مسيحية يثبت ان المواجهة اصبحت اكثر من واقعة وحتمية بين الحليفين في الرابية وبنشعي على خلفية الملف الرئاسي، وبان قرار انسحاب احد المرشحين من فريق 8 آذار غير وارد على اجندة كل من زعيم المردة او تكتل الاصلاح والتغيير، وبالعكس يبدو عون اكثر تصميماً على خوض الاستحقاق من قبل، في حين يصر فرنجية على حقه في الفرصة الرئاسية التي لا تصب في ظروفها لمصلحة عون حالياً كما يقول، خصوصاً ان مواقف زعيم المستقبل سعد الحريري بتزكية فرنجية ودعمه في كل اطلالة او مناسبة تزكي نار الخلاف المشتعلة . فالنائب فرنجية يزداد تصلباً تؤكد المصادر ولا مشكلة لديه في التصويب على الرابية، فيما تصعيد الرابية يبدو مدوزناً اكثر ويحفظ الى حد ما خط الرجعة مع بنشعي وان كانت الخلافات على مواقع التواصل الاجتماعي فاقعة جداً بين المسؤولين المرديين والعونيين او التنافس الواضح في الانتخابات البلدية في البلدات والقرى حيث يعمل كل من الفرقين على استبعاد مرشحي الفريق الثاني فيما يحاول العونيون التنسيق مع القوات لضرب المردة في مناطق ذات تداخل بين الاحزاب الثلاثة.
وفي حين يستعد عون للنزول الى الشارع في خطوة اعتراضية يدرسها التيار الوطني الحر مع حليفه في معراب من اجل الضغط في الساعات المقبلة في الموضوع الرئاسي عبر النزول الى الشارع ربما او تحريك التظاهرات والاعتصامات لتحقيق اختراق في الجمود الرئاسي، فان فرنجية اطلق رصاصة الرحمة على هذا التحرك في اطلالاته الاخيرة باعتباره ان تغيير القواعد الديمقراطية عبر النزول الى الشارع يسقط كل المحرمات، الأمر الذي استنفر العونيون وجعلهم يطلقون العنان لتهجماتهم على بنشعي بالتصويب على ديمقراطية تحركهم تارة، خصوصاً ان فرنجية اشار الى النزول الى البرلمان وتأمين النصاب للجلسة وهذه المسألة بنظر العونيين لا يمكن ان تحصل بسبب التزام حزب الله بميشال عون من جهة ولأن رئيس المجلس لا يمكن ان يكون في المرصاد او في صدد المواجهة مع حزب الله .
وترى المصادر ان كل من فرنجية وعون بات ينتظر الآخر على الكوع لتعداد أخطائه وهفواته، بالنسبة الى مقريبن من المردة لا يمكن فهم اسباب انفتاح الرابية على النائب خالد الضاهر الذي شتم المؤسسة العسكرية وهدد وتوعد المسيحيين خصوصاً ان التقارب مع الضاهر والسعي وراءه سبب استياء عارماً لدى قيادات التيار وجمهوره، وفي حين يرى عونيون ان فرنجية وقع بسرعة في الفخ الذي نصبه له الحريري في باريس وان الحريري لا يمكن ان يستمر بترشيحه عندما يصبح الموضوح محشوراً، فان فرنجية يحاول ان لا يرتكب فاولات او دعسات ناقصة،فهو لم يتردد في انتقاد قرار مجلس التعاون الخليجي والاصطفاف الى جانب حزب الله في المعركة التي فتحت على الحزب هذا الموقف لا يبدو انه ازعج سعد الحريري الذي بدوره حاول ان لا ينجر الى التصعيد الداخلي وتوتير الوضع، فبالنسبة الى الحريري فرنجية صديق شخصي للنظام السوري ولا يقبل المس بحزب الله وسلاحه فيما الحريري يركز منذ عودته على دعوة حزب الله للانسحاب من سوريا، وفي حين يبدو الحريري مكملاً في معركة فرنجية فان موقف حزب الله بالمفاضلة بين بنشعي والرابية تشبه المفاضلة بين العين والقلب . فحزب الله حاول ويحاول بجهد وديبلوماسية تلميع الصورة التي تصدعت بين ميشال عون وسليمان فرنجية وترميم بيت 8 آذار بعد ان صار احد مرشحيها مطلوباً ترشيحه من 14 آذار، ولكن ما اتضح له وهو المنهمك بمعاركه القتالية على الجبهات والهجمة السعودية والخليجية عليه بان ما انكسر قد كسر وبالتالي يصعب اصلاحه وترميمه وان العلاقة دخلت دائرة المحظور تقريباً بين الحليفين المسيحيين وسط كل التبدلات والتغيرات في المشهد السياسي اللبناني والاقليمي ايضاً.
يبدو جلياً من التوتر الحاصل ان لا احداً سيتنحى من اجل الآخر تؤكد المصادر المسيحية، فالتصعيد الذي يمارسه زعيم بنشعي يعني ان قرار ترشحه لا رجوع عنه وانه يعمل على تثبيت نفسه كمنافس جدي على الرئاسة يملك حضوراً سياسياً واصواتاً وتأييداً غير مسبوق من المستقبل وبري وجنبلاط، وحيث يعول رئيس المردة على الحريري المعارض بشراسة لوصول عون الى الرئاسة وخلفه المملكة السعودية التي تدعم وصول فرنجية رغم الخصومة السياسية معه لاستباق دخول المنطقة على سكة الحلول المفترضة واستباقاً لانقلاب موازيين القوة في سوريا لصالح محور المقاومة بالكامل. ولان الشعور العام لدى الرابية بان من كان يصنفها بمنزلة «الاب الروحي» قام بالانقلاب عليها وباستغلال دعم الحريري لمعركة الرئاسة لمحاولة اخراج عون من السباق الرئاسي، فان لدى المردة عتب على الحليف الذي اساء فهم ظروف ترئيس فرنجية وطرح الحريري وبان فرنجية ليس في وارد التنافس الشخصي مع عون ولا يبحث عن دور ليختلف معه، لكنه يطرح نفسه كمرشح بديل بعدما ضاقت فرص الاستحقاق وطال امد الفراغ . وبغض النظر عن كل ما يقال فان الواضح ان الامور لن تستقيم مع الجنرال، على حد قول المصادر، وان فرنجية قرر ان يبادربدوره الى التصعيد بدل احتواء الموقف وهذا التصرف وفق المصادر، يتأرجح بين نظريتين، فاما ان فرنجية اصبح واثقاً من خطواته الرئاسية وارتفاع حظوظه ويملك ضمانات تجعله يقول ما يقوله وبانه سيكون مرشح التسوية عندما تدق الساعة الاقليمية، اما النظرية الاخرى فترى ان فرنجية قام بخطوة غير موفقة تدرجت بعدة محطات تجاه حليفه السابق، وبالتالي ما الذي يضمن مستقبلاً ان لا تقوم السعودية في ظل حساباتها الاقليمية بالمبادرة الى الانسحاب من معركة فرنجية الرئاسية فيكون فرنجية خسر ما خسر.
لا يختلف اثنان ان الاختلاف والتباين اليوم بين الرابية وبنشعي هو الاقوى بين الحليفين في تاريخهما السياسي، بالنسبة الى ميشال عون فان معركة الرئاسة هي معركة حياة او موت ويرفض اقصاءه عن الحلبة السياسية والاذعان لما يريده تيار المستقبل، في حين يرى فرنجية انه يملك تأييد نبيه بري ووليد جنبلاط وتيار المستقبل وهو ايضاً مرشح من 8 آذار ويحق له بالترشح وفق الخطة «ب» لانعدام حظوظ عون .