IMLebanon

بين جنبلاط والحريري.. ونصرالله

 

لم تُخفِ الصورة الرسمية التي وزّعت عن اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه نجله تيمور بحضور مدير مكتب الحريري نادر الحريري، مدى الارتياح الذي بدا على وجه المجتمعين، الذين ما يجمع بينهم أكثر بكثير مما يفرّق، أو ممّا يشتهي الحاسدون أن يفرقهم.

ورغم أن أوساط جنبلاط أصرّت على عدم الافصاح عما دار في اللقاء بين الرجلين، إلا أنها أبدت ارتياحها الكامل للقاء الذي جاء رداً على محاولات الاصطياد في الماء العكر في العلاقة بين الرجلين، بعد التلميحات و»النكزات» حول عدم مشاركة جنبلاط في احتفال «البيال«، رغم البيان الذي أصدرته مفوضية الاعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي« عن تمثيل النائب هنري حلو لجنبلاط في الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري.

وقالت الأوساط لـ «المستقبل» إن اللقاء «يكفي كي تسكت الأفواه الحاقدة وتختنق في حناجرها الكلمات، وأن ينشف حبر الأقلام المأجورة وتتوقف التخيّلات»، مؤكّدة «متانة العلاقة التي تجمع بين الحريري وجنبلاط والتي رغم بعض التباينات إلا أنها صلبة وصامدة في وجه الرياح الهوجاء«.

وقبل زيارته «بيت الوسط» وبعد زيارة ضريح الرئيس الشهيد على رأس وفد كبير ووضع جنبلاط وردة حمراء «مثل الوردة التي نضعها على ضريح الشهيد كمال جنبلاط في كل عام»، استغل رئيس «اللقاء الديموقراطي» موقع «تويتر» الذي بات من أبرز المغرّدين عليه، لكي يشكر أولاً الحريري على لفته إلى الدور الذي قام به مع الرئيس نبيه بري من أجل تسهيل الحوار الذي يجري بين «المستقبل» و»حزب الله»، ولكي يوضح موقفه مما يجري في سوريا، وهو ما يتفق مع الحريري في النظرة إليه، وما يختلف مع «حزب الله« وأمينه العام السيد حسن نصرالله حوله. 

لكن الأوساط الجنبلاطية إذ تؤكّد أنه رغم هذه النقطة الخلافية، وغيرها من النقاط الأخرى التي «ليس هناك توافق عليها مع حزب الله»، تشدّد على أن «التفاهم مع الحزب تام حول ضرورة المضي في الحوار، مع المستقبل وآخرين، ولم يخف السيد نصرالله في خطابه انفتاحه على الحوار مع كل الأفرقاء في الداخل وهذا يصبّ في خانة احتواء التوتر الداخلي وتمرير المرحلة الخطيرة الحالية بأقل الأضرار الممكنة».

غير أن الأوساط شدّدت على أن ما قاله جنبلاط «طالما هناك سوري واحد يقاتل نظام بشار فأنا مع هذا السوري وضميري مرتاح، فهذا من دون مواربة ولا تأويل، أنه لا يزال يعارض النظام السوري الذي ينكّل بشعبه قتلاً وذبحاً، ويمعن في تدمير بلد وحضارة تعود إلى آلاف السنين، وإذا كان ذلك يتلاقى مع موقف الحريري، وهذا واضح، فأهلاً وسهلاً، وإذا كان ذلك هو الخلاف مع نصرالله، فجنبلاط أعلن مراراً أن هذا من بين نقاط الاختلاف مع الحزب التي اتفقنا على تنظيمها«.

لكن ما لم تقله الأوساط الجنبلاطية صراحة هو أن هذا الموقف «الثابت» لجنبلاط، إنما جاء كرد على ما ألمح إليه السيد نصرالله في خطابه بمناسبة ذكرى «القادة الشهداء» للحزب، والذي اعتبر أن «البعض يميّز بين النصرة وداعش، ويعتبر أن النصرة غير إرهابية، وعليه مراجعة موقفه«. 

وكان جنبلاط أوضح مراراً أنه لا يستطيع اتهام فئة كبيرة من الشعب السوري اختارت الانضمام إلى جبهة النصرة لمحاربة النظام الدموي للرئيس السوري بشار الأسد بأنها «إرهابية»، ومع ذلك، أصرّ السيد نصرالله على إعادة تذكير جنبلاط بهذا الموقف، فجاء الرد عبر «تويتر«.

وتشير الأوساط إلى أن «الاعلام يسارع دوماً إلى تلقّف مواقف جنبلاط ورصدها لكنها في بعض الأحيان تغفل المهم فيها مثل ما قاله في نهاية تغريداته أنه يعلم بأن رأيه لن يغيّر كثيراً في المعادلات التي ترسم للمنطقة، وهو بذلك حاول أن يقول إن مصير النظام السوري ليس متوقفاً على رأيه منه، وبأن القرارات الكبرى ترسم وتتخذ في أماكن أخرى، وليت الآخرين في الداخل يدركون أن مواقفهم وتصاريحهم لن تقدّم ولن تؤخّر شيئاً في ما يرسم للمنطقة».

وتضيف «ولذلك، كانت دعوات جنبلاط الدائمة هي للحوار الداخلي بين كل الأطراف، ومن المنطقي أن يدور هذا الحوار بين المختلفين، وإذا كما سمعنا علناً تصميم الحريري ونصرالله وإصرارهما على استكمال الحوار رaغم الاختلاف الاستراتيجي الجذري بينهما، فالترحيب بهذا الاصرار واجب، والله وليّ التوفيق».

لا تحتاج المسألة إلى أن يكون المرء ضليعاً بعلم الحساب لكي يتأكد من أن ما يردّده جنبلاط نفسه دائماً بأن حجم تمثيله على الصعيد النيابي والوزاري لا يقدّم ولا يؤخّر كثيراً في الحسابات لدى فريقي «8 و14 آذار»، إلا أن الحجم المعنوي الكبير الذي يمثّله يجعل كلا الفريقين متنافسين على «كسب ودّه» لدفعه كي ينحاز إلى صالح أحدهما، غير أن الأوساط الجنبلاطية تعود وتؤكّد أن «رئيس اللقاء الديموقراطي مرتاح حيث هو، ولن يكون فريقاً في الاصطفاف السياسي الحاد الذي كاد أن يمزّق البلد ويعيدنا إلى أجواء الاقتتال الداخلي الممقوت، والحوار هو السبيل الوحيد لحلحلة المسائل وقد أثبت جدواه».