Site icon IMLebanon

بين السلاح غير الشرعي والإرتهان للخارج: أين الإستقلال؟

في كلّ دول العالم لا يختلف اثنان على مفاهيم معينة، مثل «الحرية»، و«السيادة»، و«الاستقلال»، فهي مفاهيم علمية رسخت في أذهان المواطنين منذ صغرهم. أما في لبنان، فالطبيعة مخروقة في كل المجالات، فحتى «المفاهيم» مُختلف عليها بين الأفرقاء وبالتالي المواطنين، فكلٌّ يفسّرها بالمنحى الذي يخدم آراءه ونظرته، وبطريقة غير مباشرة مصالحه.

في ذكرى عيد الاستقلال، يتساءل كثيرون عن المعاني الحقيقية لهذه المناسبة، أو بمعنى أكثر وضوحاً، هل لبنان مستقل فعلاً؟ فالبعض يعتبر أن استقلال البلاد ينتهكه السلاح غير الشرعي، فيما يرى آخرون أن ارتهان قرارات الفريق الآخر للخارج هو ما يقف في وجه الاستقلال الحقيقي. ليبقى السؤال: ماذا يفعل الفريقان من أجل تحقيق استقلال مقتنعين بعدم حقيقته ولو لأسباب مختلفة؟

عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم يجيب بحزم: «إذا نجحنا في إقناع «حزب الله» بأن حماية الدولة الفعلية والاستقلال الحقيقي يتحققان من خلال تسليم سلاحه ودخوله في الدولة ومشاركة اللبنانيين جميعاً في القرارات، يكون دورنا تجاه الاستقلال قد تمّ، وأي مشاركة في الحوار أو في الحكومات سيكون مبنياً على إقناع هذا الفريق بالرجوع الى «لبنانيته» وإبعاد نفسه عن المشاريع والحروب الإقليمية».

ويرى كرم أن «استقلال لبنان ليس كاملاً في ظل وجود دويلة مرتبطة بالنظام الايراني، ضمن الدولة، تنتهك الكثير من سيادته وتهدّد استقراره، فالاستقلال يتحقّق عندما يتساوى اللبنانيون أمام القانون وأمام الدولة، وعندما لا يتدخل أحد في حماية سيادة الدولة إلا الأجهزة الأمنية»، موضحاً أنّ «القوات اللبنانية تضع في كلّ قراراتها المصيرية بند استرداد الدولة لسيادتها الكاملة والحد من قوة الدويلة على أراضيها، ولهذا السبب ننظر الى الملفات اللبنانية نظرة استراتيجية، لا علاقة لها بالحصص والتسويات».

نائب رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» جوزف أبو خليل يوافق كرم الرأي، معتبراً أن «لا استقلال في ظل وجود السلاح غير الشرعي لأنه يصادر قرارات الدولة وسيادتها، وما نستطيع السعي لفعله هو التفاهم مع «حزب الله» لأن ما يحصل هو مغاير لمنطق وجود الدولة»، مؤكداً أن «هذه القضية هي دائماً على لائحة مشاريعنا، لكننا نلجأ للطرق السياسية، والظروف تساعدنا نوعاً ما لأن تغييراً تدريجياً يدخل في نظرة «حزب الله» للأمور».

المواقف نفسها يطرحها عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح مشيراً إلى أن «سلاح «حزب الله» يمنع قيام الدولة الحقيقية المسيطرة على كامل أراضيها والقادرة على حماية حدودها وإقامة المؤسسات». وإذ لم ينكر الجراح استقلال لبنان كونه «دولة معترف بها دولياً وعربياً وذات حدود وسيادة وشعب»، يلفت إلى «مشكلة جذرية تواجهها إسمها «سلاح حزب الله» الذي هو ايراني في أيادٍ لبنانية، وقرار تسليمه هو قرار إقليمي».

ويقول: «في الوقت الحالي، من الصعب سحب هذا السلاح لأن الدولة ضعيفة وعاجزة عن الحسم، ولا بد من وجود حلّ سلمي عبر الحوار، وذلك عندما ترى إيران أن الوقت مناسباً لإلقاء هذه الورقة على طاولة التفاوض».

يحسم عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي النقاش، فيقول: «يجب دعم «سلاح المقاومة» والوقوف معه والانتماء له». ويَرى أن «سلاح المقاومة يساعد في استقلال لبنان وحمايته، وفي رد الهجمات الصهيونية والتكفيرية عن لبنان».

وعن الجيش المُكلف بحماية الوطن، يجيب الرفاعي: «نحن نرى أن هناك ثلاثية الشعب-الجيش-المقاومة، وسلاح الجيش يختلف كلياً عن سلاح المقاومة، ونحن نعلم أن الفرنسيين والأميركيين الذين يدعمون الجيش يضعون «فيتو» على أسلحة معينة ممنوع أن يمتلكها الجيش لأنها قد تضر بـ»الكيان الصهيوني»».

ويذكّر بأن «الجمهورية الإسلامية الايرانية التي تدعم المقاومة عرضت أكثر من مرة إعطاء الجيش اللبناني أسلحة، إلّا أن الحكومة اللبنانية لم توافق لأن هناك «فيتو» أميركياً-فرنسياً»، متمنياً أن «يكون لدينا استقلال وجيش يستطيع حماية الوطن، لكن الظروف التي نعيشها تستدعي وجود «مقاومة» لمساعدته والدفاع عن الوطن».

وبعيداً من سلاح «حزب الله»، يعتبر الرفاعي أنّ «لبنان في طور الاستقلال وليس مستقلاً تماماً، لأن قراره المالي والاقتصادي مُصادَر، وأصدق تعبير على ذلك ما حصل في جلسة مجلس النواب الأخيرة، حيث فرض المجتمع الدولي قوانين مالية على لبنان»، لافتاً إلى أن «الشعب اللبناني هو عبارة عن مجموعة أشخاص يُصنفون بحسب طوائفهم ومرجعياتهم الروحية والسياسية وليس الوطنية، وهذا أكبر دليل على عدم استقلاله».

أما عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب فريد الخازن، فيشدد على أنّ «لبنان ليس مستقلاً بالتأكيد، لكنّه أكثر استقلالاً مما كان عليه أيام الوصاية السورية، خصوصاً لدى مقارنة وضعه مع أوضاع دول الجوار»، واصفاً إياه بأنه «يتمتع باستقلالية نوعاً ما، ولكنه يتأثر بشكلٍ كبير بأوضاع المحيط الاقليمي، إلّا أنه ليس ساحة حرب، وهذا الأهم».

وفيما يختلف الأفرقاء على الأسباب، يتوحّدون على النتيجة التي تؤكد أنّ احتفال استقلالنا السنوي يدخل ضمن إطار «الفولكلور اللبناني» الذي يتفوق اللبنانيون في الإحتفاء به، فهل سيتحوّل الى حقيقة يوماً ما؟