IMLebanon

بين كيري وأوباما

قد يؤخذ على جون كيري، أنه في الموضوع السوري، «يبدو» أكثر من منفّذ لسياسة رئيسه مستر أوباما. أي أنه «مقتنع» بتلك السياسة وربما مسوّق لها في وجه آخرين مهمين وذي شأن في الإدارة نفسها، كانوا يفضلون أو يسعون إلى شيء آخر، أكان لجهة دعم المعارضة «المعتدلة» ببعض ما تحتاج إليه من أسلحة نوعية، أو لجهة لجم اندفاعة موسكو وكبح هوسها بالتدريب الحي لقواتها وطيرانها الحربي وأسلحتها الفتاكة… بأجساد السوريين وعمرانهم!

لكن ما قد يُحسب في مصلحة جون كيري هو كونه يعتمد شفافية ملحوظة في تبليغ موقفه، خصوصاً في الغرف المغلقة. ولا يهتم كثيراً أو قليلاً بعدّة شغل الديبلوماسيين القائمة في أبرز جوانبها على التورية وتهذيب القول.. أو «الذبح بالقطنة» على جاري التوصيف المعتاد لمحامي الشياطين!

وتلك خاصية مناقضة للنهج «الاستراتيجي» لرئيسه أوباما! فهذا قال ويقول أشياء كثيرة، لكنه فعل ويفعل عكسها تماماً: يقول إنه يقود الحرب العالمية على الإرهاب، لكنه يفعل كل شيء (تقريباً!) لضمان استمرار ذلك الإرهاب! وضمان رفده بـ«التبريرات» الدافعة إليه! انطلاقاً من سياساته السورية والعراقية واليمنية.. والإيرانية! ويقول إنه أراد ويريد التصدي لسياسات فلاديمير بوتين وتدفيعه أثماناً غالية لارتكاباته في أوكرانيا والقرم وسوريا وقبلها في جورجيا، لكنه لا يفعل سوى زيادة «شحن» زعيم الكرملين وتوتيره واستفزازه أكثر فأكثر ثم تركه يسرح في الذهنية ذاتها التي كانت عند بوش الابن ودفّعت الولايات المتحدة وشعوب المنطقة أفدح الأثمان والخسائر من جرائها! وهذا رئيس حائز جائزة «نوبل» للسلام في فترة رئاسته الأولى، لكنه يودّع منصبه والعالم بأسره يكاد يعود تماماً إلى حقبة الحرب الباردة و«معاركها» المتفرقة، وخصوصاً، أو تحديداً، في الشرق الأوسط!

هذا رئيس جاء مدعياً العمل على إنهاء حربي أفغانستان والعراق والاستمرار في الدفع باتجاه «حل» للقضية الفلسطينية، فإذ به يترك خلفه حروباً بالجملة. وتحديات طالت أوروبا بطريقة غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى تعرّضها لمخاطر انتكاس تجربة اتحادها تحت وطأة النَفَس الاستنفاري العصبوي والقومي. وهذا رئيس بدأ ولايته وسعر برميل النفط يلامس المئة دولار أميركي وينهيها وذلك السعر يكاد يلامس كلفة الإنتاج!

وهذا رئيس بدأ ولايته باستبعاد الحرب على إيران والاكتفاء بالمزيد من العقوبات عليها بسبب مشروعها النووي وسياساتها الخارجية ودعمها للإرهاب، وينهيها بحرب مكتومة على السعودية! وهي أهم وأقوى محاربي الإرهاب. والدولة التي لا يستطيع أحد في هذه الدنيا الادعاء بأنها اعتدت على غيرها أو تدخّلت في شؤون غيرها أو حاولت زعزعة استقرار دول ومجتمعات أخرى لأهدافها الخاصة.. أي أنه، باختصار مفيد، يكافئ إيران على انتهاكها لمبدأ سيادة الدول، من خلال تبني ذلك الانتهاك عبر قانون «جاستا»!

هذا رئيس «صديق».. يحلو «العدو» مقارنة به!