Site icon IMLebanon

بين الملك سلمان والرئيس أوباما والملفات عالقة

حجم الوفد الرئاسي الأميركية الذي وصل أمس إلى المملكة العربيّة السعوديّة لتقديم التعازي لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز بالملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، لن يُخفّف ـ حجم هذا الوفد ـ من ثقل الملفّات الدقيقة والخطيرة العالقة والتي تمسّ أمن المملكة العربيّة السعودية وأمن المنطقة العربيّة عموماً، بدءاً من ملفّ إيران واليمن والعراق وسوريا وعلى رأس هذه كلّها ملفّ «داعش»  وملفّ «الدولة الفلسطينيّة» وهي السبب في كل مصائب المنطقة، وربما يحوز الملفّ اللبنانيّ «نظرة» عابرة، بين هذه الملفّات التي أقلّ ما يُقال فيها أنها «عويصة وعصيّة» جداً!!

رحم الله الملك عبدالله بن عبد العزيز فقد انتقل إلى جوار ربّه في لحظة شديدة الخطورة على العالم العربي المحاصر بعداوة مثلثة الرؤوس وتتساوى فيها خطورة هذه العداوة بين إيران وداعش، تليهما إسرائيل، وكان الله في عون خادم الحرمين الشريفين سلمان الذي تلقّف «كرة نار ملتهبة» قبل أن يتسلّم زمام عهده، وفي رأينا الشخصي انّ أكبر مشكلة تواجه المملكة العربيّة السعوديّة في علاقتها بالولايات المتحدة الأميركيّة هي»شخصيّة باراك أوباما»، هي المرة الأولى ربما التي يكون فيها على رأس الحكم الأميركي رئيس بهذا الضعف وحالة اللاقرار، والتردّد والارتباك، والفشل في اتخاذ القرارات!!

ولا نظنّ أن أوباما الذي هدّد الكونغرس الأميركي قبل بضعة أيام باستخدام الفيتو ضدّ أي قرار يتّخذه بفرض عقوبات جديدة على إيران، ومشكلة أوباما مع الملفّ الإيراني أنّه سعى منذ البداية لسياسة «تقطيع الوقت» ـ لكأنّه تتلمذ في هذا على يد النظام السوري ـ فانخرط ـ عبر الاتحاد الأوروبي ـ في مفاوضات مرّ عليها بضع سنوات، وقد تم تمديدها في آخر الخريف الماضي حتى تموز العام 2015، وهذا التمديد هو استبعاد لإعلان فشل المفاوضات ومنح أوباما فرصة تجميد المفاوضات مع دخول عام الانتخابات الرئاسية حيز الاهتمام الأميركي، وهذه أخطر سياسة يتم بها التعامل مع الملف النووي الإيراني، وهو جزء من الخلاف السعودي ـ الأميركي، ولا نظن أن أوباما سيغيّر سياسته الحمقاء في هذا الملفّ!!

والملفّ الثاني، هو الملفّ اليمني وهو أخطر بكثير في هذه المرحلة من «الملف النووي الإيراني» فالحدود السعودية باتت في مرمى النيران الإيرانيّة، والمؤسف أن محاولة الراحل الملك عبد الله بن العزيز الإصلاحية في اليمن انتهت إلى التفاف حوثيّ بتقيّة إيرانية وكسباً للوقت لتهيئة أجواء الانقلاب على اتفاق الحلّ اليمني، فبات اليمن في لحظة «التقسيم» والملفت أن أميركا تعلن عن استمرار سياستها في الحرب على القاعدة في اليمن فيما «نبت الشيطان الإيراني» فيها وهو لا يقلّ خطورة عن القاعدة بل هما وجهان لعملة إرهابيّة واحدة!!

وفي الملفّ العراقي الشائك تواجه المملكة أخطاراً متعددة، ونظن أن العراق بلغ لحظة اللاعودة في التفكك بين كيانات ثلاث، وربما أكثر، فلعبة التقسيم التي عايشناها في لبنان بدأت بفريقين وانتهت إلى حروب طاحنة بين جماعة الفريق الواحد، وستنهش هذه الكيانات بعضها بعضاً في العراق ثم تتفرغ لأكل نفسها!!

وأكثر الملفّات دموية بين هذه الملفّات الثقيلة هو الملفّ السوري، فالنظام السوري الإرهابي تجاوز سقف ربع مليون قتيل من الشعب السوري عدا عن الجرحى والمفقودين والمعتقلين، وهو لن يتنازل قيد أنملة عن إبادة كلّ الشعب السوري من أجل بقائه في السلطة، ولو تحت احتلال إيراني غير معلن، وهذا الملفّ الدموي حال باراك أوباما فيه كحاله في الملفّ النووي الإيراني، والأزمة السورية على وشك دخول عامها الرابع من دون أدنى أفق لحلّ عربي أو دولي، ومن دون شكّ القيادة السعوديّة تتحمّل عبء هذا الملفّ لكونها تقود المنطقة العربية في أخطر حقباتها دموية وظلمة و»ظُلْماً»…

يبقى ملفّ لبنان الموجود «دائماً في قلب الملك سلمان بن عبدالعزيز»، ولبنان المخطوف من قبل إيران رهينة تماماً كالرهائن الذين تذبحهم داعش، وما أهون ذبح شخص أمام ذبح وطن وشعب بأكمله، فإيران تذبح لبنان عبر تغيير هويته العربية، وتعطيل مؤسساته ومصادرتها بقوة سلاح حزب الله، باعتبار أنه الثمرة التي ستأتي لها بالمنطقة كلها، والكباش السعودي ـ الإيراني مستمر في لبنان، ولا رئيس جمهورية في الأفق اللبناني طالما الوضع في المنطقة قائم على ما هو عليه!!

هذه الملفات الثقيلة الفيصل في إغلاق أبواب الفتنة والنيران ومصير المنطقة فيها هو السلوك الأوبامي الذي نميل إلى الظنّ أنه لن يتغيّر أبداً، لأن من لم يأخذ قراراً في بداية ولايته لن يأخذ قراراً في نهايتها، والأيام المقبلة كفيلة بتظهير الصورة.