استبدل جمهور السيد حسن نصرالله الرصاص بإطلاق البالونات في الهواء استجابة لنداء منه. هذه إشارة إيجابية. ثم طلب الوزير أشرف ريفي محاسبة من اطلق النار في الطريق الجديدة تزامناً مع اطلالة الرئيس سعد الحريري، وهذه نقطة ايجابية تقابل تلك.
القاسم المشترك بين الحريري والسيّد هذه المرة هو محاربة المتطرفين والتكفيريين والارهابيين ومشوّهي صورة الاسلام بالذبح والبربرية، ويتفق الرجلان على ضرورة محاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وربما يجد السيد أن البديل الوحيد للتطرف يكمن في تيار الاعتدال في لبنان، ألا وهو “تيار المستقبل”.
الحوار بين الحزب و”المستقبل” دفع الى نزع الشعارات واللافتات والصور الحزبية، مع توضيح الحريري ان لا مساومة على المبادئ، وأن التباين مستمر في وجهات النظر حول قضايا أخرى مهمة، ولكن مع استمرار الحوار.
أن يكون للبنان اصدقاء وحلفاء دوليون أمر مهم، وهذا ما حققه الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعلاقات دولية أفادت لبنان. لكن المشكلة تكمن حالياً في أن السياسيين لا يوظفون علاقاتهم الخارجية لمساعدة لبنان وتقويته، بل لجعله رهينة حروب الآخرين ومفاوضاتهم، علماً أن لبنان قد لا يزيد على فاصلة في مفاوضات الكبار.
وأن يدعو السيّد اللبنانيين الى الحوار بعضهم مع بعض، من دون انتظار الخارج، فخطوة ايجابية ايضاً، وان يدعو “المستقبل” الى اجراء انتخابات رئاسية الآن فذلك ايضاً أمر ايجابي، لكن السؤال هو: اذا كان الجميع راضياً، فلماذا لا تبت الأمور، وما الذي يمنع انتخاب رئيس للبلاد؟
في كل حال، ما بين نصرالله والحريري قاسم مشترك اساسي ومهم يتمثل في محاربة قطّاع الرؤوس. ومن هذا المنطلق، على الطرفين ان يتحليا بالحكمة للاتفاق على الامور الاساسية الضرورية، بغض النظر عن الافتراق في السياسة، وهذا ينسحب ايضاً على الحوار بين “التيار” و”القوات”، لأن ما يمر به لبنان أكبر من موقف أو كرسي أو تقاسم حصص.
من جهة ثانية، أريد أن أكتب عن شعور انتابني وأنا أدخل “البيال” في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، السبت الفائت، إذ تذكرت في تلك اللحظات الحلم اللبناني في 14 آذار 2005، قبل 10 أعوام، تذكرت تلك الايام التي أخاف فيها الشعب اللبناني السياسيين بانتفاضته.
تذكرت يوم لم يكن هناك من صف أول وصف ثانٍ، فنزل الناس ومشوا من مسافات بعيدة ليجتمعوا تحت راية علم واحد، هو العلم اللبناني، متجاوزين كل انتماءاتهم وحساباتهم الجانبية.
تذكرت تلك الثورة التي أسقطت حكومة وأخرجت جيشاً غريباً، وأجبرت كل السياسيين على السير وفق ارادة الناس، فكان كل مواطن يشعر بأنه يحدث فارقاً، وبأن الشعب بات الأقوى، وهذه هي أهمية 14 آذار التي فقدناها اليوم لسوء الحظ.