Site icon IMLebanon

بين نتنياهو ونجاد!

 

أسوأ ما في «داعش» أنها غطّت إعلامياً على فظاعات وارتكابات وجرائم بشار الأسد وحلفائه. وأسوأ ما في السياسة الإيرانية أنها فتحت المجال، أمام أمام واحد من أوقح رموز اللصوصية والإرهاب في التاريخ الحديث، لأن يقف أمام الكونغرس الأميركي ويتحدث عن «استهداف المدنيين» و»الإرهاب» والسيطرة بالقوة على الغير الغير وشعوب الغير!

ما قاله نتنياهو عن «سيطرة» إيران على أربع عواصم عربية صحيح في الشكل ملتبس في المضمون، لكن آخر من يحقّ له تعييرها، هو نفسه، وبصفته رئيساً لحكومة احتلال اغتصبت بالقوة والقهر والإرهاب أرضاً ليست لها، واضطهدت ولا تزال، بالقوة والقهر والعسف والإرهاب شعب فلسطين الذي لم يكن له أرض غيرها في التاريخ.

وما قاله عن السلاح النووي وأخطاره بديهي وصحيح، لكنه أيضاً، آخر من يحقّ له ذلك الادعاء. وهو القيّم راهناً على سلطة كانت أول من أدخل سلاح الدمار الشامل الى المنطقة العربية، وتملك منذ النصف الثاني من القرن الماضي، أكثر من مئتي رأس نووي وربما أكثر!

لكن في صورة نتنياهو أمام الكونغرس شيء «يدغدغ» بعض المشاعر والحسابات العربية.. وفي ذلك لا يُخفى أن كثيرين رحبوا ويرحبون بالازعاج (الكبير) الذي يسببه رئيس حكومة إسرائيلي لحليفه الاستراتيجي الأبدي السرمدي الساكن في «البيت الأبيض».. وهذه سابقة، ستكون لها تداعياتها البينية الثنائية من دون شك!

وكثيرون رحبوا ويرحبون بتلك الفظاظة التي يُظهرها نتنياهو، باعتبار أنها في المحصّلة، تنتج مناخاً معادياً لبعض سياسات إسرائيل في أوروبا أولاً والولايات المتحدة نفسها ثانياً. وبطريقة ما كان لأي ضغط عربي، أن يصل إليها مهما فتّ من جهد سياسي وديبلوماسي ومادي!

نتنياهو بهذا المعنى عبّأ الفراغ نيابة عن العرب! وسهّل للكثيرين فهم القضية العربية، أكثر بكثير من قدرة أصحاب القضية على القيام بذلك!

.. ثم أنه يذكّر كثيراً بالرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الذي كان الإسرائيليون أكثر من «شعر« بخسارته، بعد انتهاء ولايته الرئاسية: كان كلما حكى عنهم بلغته المعتادة، أي بالاستئصال والمسح والسحق والمحو عن وجه الأرض، جنّوا، لكن من الفرح وليس من الرعب! لأنه ساعدهم في الوصول الى بعض ما أرادوه من دون مناكفات!.. ومن كان يجرؤ في أوروبا والولايات المتحدة على تلك المناكفة إزاء «أمّة» مهددة بالإبادة، على ما يقول «الأخ المجاهد» نجاد؟!

تحت غبار تلك التصريحات (وليس نتيجة لها!) حطّمت حكومات اليمين الإسرائيلي المتعاقبة، عملية السلام مع الفلسطينيين واستأنفت الاستيطان بوتيرة جنونية، ودخلت في حرب العام 2006 مع لبنان، وشنت ثلاث حروب كبيرة مع قطاع غزة في غضون أربع سنوات! ولا أحد ينكر اليوم ولا بالأمس، أن مقدار «التفهم» الغربي العام لتلك الحروب كان كبيراً، باعتبار أنها استهدفت «حلفاء» إيران وأحمدي نجاد!

نتنياهو اليوم يلعب الدور بالمقلوب ويردّ الدَّين: مثلما خدم نجاد إسرائيل! يخدم هو إيران! وأسوأ ما في ذلك، أنه يجعل من أدائها الشيطاني في «العواصم العربية الأربع» ملائكياً، طالما أنه هو بالتحديد من حكى عن ذلك الأداء!