كتبنا، غير مرّة، نحذّر من أن هناك «شيئاً ما»، غير مستحب، يخيّم على العلاقات التي أفرزتها التسوية الرئاسية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. وفي عجالة سابقة قلنا: وحده الساذج ينكر وجود ما يعكر تلك العلاقات. وقلنا أيضاً: إن عدم المعالجة من شأنه أن ينعكس بالضرر ليس على التسوية في حدّ ذاتها وحسب، بل أيضاً على هذين الطرفين… وإن كانت أطراف التسوية الأخرى غير منزعجة من ضرب علاقة التيارين البرتقالي والأزرق.
وفي التقدير أنه لم يكن ينقص الحوار الساخن بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وزميله وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ليدرك الجميع أن هناك «شيئاً ما يرن» (كما يقول المثل الفرنسي) في هذه العلاقة التي استبشر بها اللبنانيون خيراً.
ولعلّ السؤال الذي يطرح ذاته، بتفرعاته، هو الآتي:
هل إن العلاقة الثنائية بين التيارين محكومة، قطعاً، بالإهتزاز؟ وهل ثمة إمكان لإعادة الأمور الى مجاريها التسووية؟ وهل أنّ هناك مستفيداً وآخر متضرراً من العلاقة؟ واستطراداً: هل إن هناك مصلحة لأي منهما، أو للطرفين معاً، في فصمها؟!.
الجواب بعضه ينطلق من الواقع، وبعضه الآخر من التحليل المنطقي. ولكن قبلاً: هل ثمة سبب أو منطق في أن تكون العلاقة في مأزق بين التيار الوطني الحر وسائر حلفاء التسوية الرئاسية التي أسفرت عن وصول «الجنرال» الى رئاسة الجمهورية؟ وتحديداً مع تيار المستقبل، ومع حزب القوات اللبنانية اللذين بادرا الى دعم الرئيس عون في معركته، ومع التقدمي الإشتراكي الذي إنضم زعيمه، وليد جنبلاط، الى التسوية ولو استلحاقاً؟!
ونعود الى الجواب المنتظر:
أولاً – لا… ليست العلاقة بين البرتقالي والأزرق محكومة بالإهتزاز، ناهيك بالإنهيار وإن كان هناك ذلك «الشيء ما» المقلق. واذا كان ثمة إهتزاز (على سبيل الجدال) فهو محكوم بسقف معيّـن لا يصل الى سقوط مفاعيل مرحلة ما بعد الرئاسة.
ثانياً – عودة الأمور الى المسالك التسووية الطبيعية أمر غير معقد إن لم يكن في منتهى البساطة لسبب بسيط جداًِ: لأنّ الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري ليسا في وارد التنكر أحدهما للآخر، بل هما حريصان (كما تدل المؤشرات والحقائق) ليس فقط على مستوى العلاقة الجيدة بل أيضاً على تعزيزها وتحويلها (في بعض المناطق) الى تحالف إنتخابي موصوف! ليس لأي من الطرفين مصلحة في إنهيار التسوية، وتدهور العلاقات لا على صعيد تعزيز موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولا على صعيد إنتاج السلطة التنفيذية التي إن لم تكن منتجة تتعرض للإنتقاد الشديد وتفقد صدقيتها. وهذا ما لا يريده الطرفان.
وفي تقديرنا والمعلومات أيضاً أنه ابتداء من الأيام الآتية، وبالذات بعد الإنتهاء من دراسة مشروع موازنة 2017 العامة، ستبدأ محرّكات القصر والسراي تعمل على إستعادة الثقة كاملة ليس فقط بين الرئيسين عون والحريري إذ الثقة قائمة بينهما، بل أيضاً على صعيد الأركان في الحزبين.