فيما يجهد رئيس تيار «المستقبل« الرئيس سعد الحريري لتأمين فوز كامل «لائحة البيارتة» في انتخابات بلدية بيروت للحفاظ اولا على المناصفة في مجلسها البلدي بين المسلمين والمسيحيين، يعيد التيار «الوطني الحر» احياء «القانون الارثوذكسي« للانتخابات النيابية وهو قانون فصل عنصري ينص على ان تكتفي كل مجموعة بانتخاب نواب من طائفتها حصرا.
بذلك يتمسك سعد الحريري بالمبدأ الميثاقي الذي سبق ان اقرّه والده الشهيد رفيق الحريري، باعتباره يجسد مفهوم العيش المشترك والوحدة الوطنية لان للعاصمة رمزيتها الخاصة. فغالبية اهالي بيروت العظمى هي من المسلمين، وينص القانون على انها دائرة انتخابية واحدة من دون ذكر اي تقاسم طائفي بين اعضاء مجلسها البلدي.
والمناصفة في البلدية ميثاقية اما الفصل بين الطوائف في الانتخابات النيابية فمخالف اساسا لروح ونص «اتفاق الطائف« الذي اخرج لبنان من حربه الاهلية بعد خمسة عشر عاما دفع فيها مواطنوه مئات الآلاف من القتلى الى جانب الدمار الكبير.
لكن «الوطني الحر« وبلسان نائبه ابراهيم كنعان احيا مجددا «القانون الارثوذكسي» مطالبا بتقديمه الى الهيئة العامة بذريعة ان اللجان النيابية سبق ان اقرته. وبغض النظر عن استحالة اقراره فقد كان الحديث عنه قد غاب اشهرا طويلة، خصوصا بعد ان تنصلت منه «القوات اللبنانية» لتنضم الى قانون مختلط اكثري – نسبي بالتوافق مع «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي».
وفي هذا الاطار يكثف الحريري جولاته على الاحياء الشعبية الاسلامية من طريق الجديدة الى رأس النبع وما سيليهما…وكلامه واحد: دعوات للاقتراع بكثافة تحت شعار «زي ما هي» مع الاعتراف بأن هذا الاستحقاق انمائي، لكن الظروف المحيطة والداخلية تفرض عليه طابعا سياسيا يحول دون الانجراف في الامواج الطائفية والمذهبية التي تجتاح المنطقة.
فالحريري فعليّا لا يناهض كل مرشحي اللوائح الاخرى التي تقدمت تحت شعار المجتمع المدني، وفق سياسي سيادي، لكن التشطيب اذا استفحل يخل حكما بالمناصفة لان الفائزين منها سيأتون على حساب الاعضاء المسيحيين.
ويقلل المصدر من اهمية هكذا احتمالات خصوصا وان المعارضين لـ«لائحة البيارتة» لم يستطيعوا ان يتوحدوا وانما تشرذموا بين «بيروت مدينتي» و»مواطنون ومواطنات في دولة» و»لائحة بيروت» وما اليهم، بما يذكر بفشل الحراك المدني قبل اشهر في تحقيق اي تقدم بسبب تقاسم المصالح والنفوذ.
ويعتبر المصدر ان جهود الحريري للحفاظ على المناصفة محطة اضافية يكرس عبرها تمسكه بالاعتدال والعيش المشترك وتضاف الى المساعي المتواصلة التي يقوم بها لملء الشغور الرئاسي، في منصب هو الوحيد الذي يشغله مسيحي في الدول العربية، ولانه مقدمة ضرورية لاستعادة المؤسسات المشلولة فعاليتها.
ويبقى السؤال «هل ينجح الحريري منفرداً؟». فـ«يد واحدة لا تصفق» وفق المصدر الذي يرى ان على الاحزاب المسيحية المشاركة في اللائحة من قوات وعونيين وطاشناق ان تبذل الجهود لرفع نسبة مشاركة محازبيها خصوصا وان هذه النسبة تراوحت في الانتخابات السابقة عام 2010 بين 20 و22 بالمئة فقط.
لذا شملت جولات الحريري القادة الروحيين المسيحيين في بيروت من المطران بولس مطر الى المطران الياس عودة. كما شدّد على هذه النقطة خلال استضافته قبل ايام رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وفق المصدر نفسه. ولا يخشى المصدر من تلويح التيار العوني مواربة بالانسحاب من «لائحة البيارتة» اذا لم يتم إرضاؤه بالنسبة إلى مخاتير الاشرفية ويرى فيها مجرد ضغوط لتحسين حصته، لافتا الى اهمية «اعلان النوايا» مع «القوات« بالنسبة إليه، والتي في حال نفذ تهديداته تلحق بها اذى كبيرا.