IMLebanon

«ولعت» بين ريفي وشبطيني: فوضى تواقيع برعاية سلام!

الوزير أشرف ريفي رجع.. لم يرجع عن استقالته. المشهد مماثل لما يعتري الحكومة من تشوّهات بالجملة. في 21 شباط الماضي رمى وزير العدل الاستقالة بوجه الجميع شارحا الاسباب الموجبة لها. بدا الرئيس سعد الحريري كمن يدير ظهره لخطوة «لم نوافق عليها لان قرار «تيار المستقبل» عدم الاستقالة من الحكومة». الرئيس تمام سلام المربك أصلا ازداد ارباكا.. والنتيجة فوضى تواقيع.

بعد أيام من إعلان ريفي استقالته من الحكومة في 21 شباط الماضي، طلبت الوزيرة اليس شبطيني الكلام في جلسة مجلس الوزراء، مؤكّدة أنها صاحبة «حق» في تولّي مهام وزير العدل بالوكالة استنادا الى المرسوم الرقم 11260 تاريخ 9 نيسان 2014 الذي يحدّد من يمارس اعمال الوزارة «عند غياب الوزير الأصيل لأي سبب كان». الأخذ والردّ في الموضوع دفعاها الى مصارحة الحاضرين بالقول «أنا اعرف ان اسباب الممانعة لقيامي بهذا الامر هي أسباب طائفية بحتة».

بعد ذلك، استشارت رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس ميشال سليمان في مسألة مباشرتها المهام بالوكالة والمداومة في وزارة العدل. الأول (سلام)، كما تقول شبطيني، أعطاها الضوء الاخضر، فيما تؤكّد أوساط سياسية بالمقابل أنه طلب منها صراحة عدم النزول الى وزارة العدل والجلوس في مكتب ريفي. الرئيس سليمان لم يكن هو الاخر متحمّسا لتسييرها أعمال الوزارة من العدلية، ناصحا إياها بالتروي بناء على ما يقرّره رئيس الحكومة.

بالنتيجة، تحمّست شبطيني ودخلت مكتب ريفي للمرة الاول يوم السبت في الخامس من آذار الحالي واستمرت بالمداومة لمدة اسبوع، موقّعة العديد من القرارات ومُرسلة في الوقت نفسه رسائل ايجابية بأنها لم «ترث» حقيبة العدل وتقوم بما هو ضروري فقط متخوّفة من ان تتحوّل الى كبش محرقة. لكنها الرسائل نفسها التي فسّرت لدى مؤيّدي ريفي «بأنها عملية تذاكي علينا ترجمت بالمقلوب من خلال تصرّفات مخالفة للاصول واللياقات».

هكذا وفي اليوم التالي من سفر شبطيني استأنف ريفي مهامه كوزير اصيل مستعيدا بريده الذي يصله يوميا الى مكتبه في «سان جورج تاور» في الاشرفية. لم تكن المسألة طبعا أنه في غياب الوكيل «يستعيد» الوزير المستقيل «الاصيل» توقيعه، بل في قرار ريفي الحاسم والواضح بعدم تجيير توقيعه لاحد مغلّفا خطوته بضرورات «تسيير المرفق العام».

إذا، بالسياسة ريفي مستقيل. بالممارسة وزير العدل، وباستثناء عدم مشاركته في اجتماعات مجلس الوزراء، كأنه لم يستقل اصلا.

كثر يحمّلون في هذا السياق رئيس الحكومة مسؤولية «فوضى التواقيع» في ظل امتناعه عن البتّ باستقالة ريفي عبر طرحها على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، الأمر الذي فسّره ريفي بأنه إشارة له بالعودة متى يشاء عن استقالته، وفي الوقت نفسه إعطاء الاذن لشبطيني بمزاولة مهامها بالوكالة. كل ذلك في ظل عدم وصول الوساطات لاقناع ريفي بالعدول عن قراره الى اي مكان.

الأمر الاهمّ في هذا السياق هو الاستقبال «الناشف» الذي لقيته شبطيني من فريق عمل الوزير ريفي منذ اليوم الاول لـ «دوامها» في وزارة العدل وانتهى بالحديث عن «تصرفات معيبة وغير مقبولة من جانبها». البعض ذهب الى حدّ المجاهرة بإفهامها أنه غير مرغوب بها في الوزارة، والدليل هو حجب الكثير من الملفات والمستندات عنها والتي بقيت بحوزة فريق ريفي.

لكن وفق المطلعين، فإن الكثير مما فعلته شبطيني في الايام القليلة التي قضتها في المتحف استفزّ ريفي شخصيا لناحية «مونتها» المباشرة على عدّة أمور وكأنها وزيرة اصيلة، ومن بين ذلك بعض الاغراض الشخصية العائدة للوزير المستقيل. وتوقيع قرار رفض طلب استرداد الموقوف علي فياض المقدّم من جانب الولايات المتحدة لقى صدى سلبيا لدى ريفي، خصوصا ان شبطيني نفسها هي من غطت قبل أسابيع وبرّرت قرار المحكمة العسكرية بإطلاق سراح الوزير السابق ميشال سماحة.

وبعد ان وصل صدى الاستياء الى «السرايا الكبيرة»، سأل رئيس الحكومة، وفق المعلومات، ريفي إذا كان يقبل توقيع البريد تسييرا للمرفق العام، فأبدى الاخير تجاوبا فوريا طالما ان الاستقالة لم تبتّ بعد.

وفيما يؤكّد المقرّبون من سليمان «اننا لا نتمنّى استقالة أحد من الحكومة، بل غايتنا تفعيل العمل الحكومي طالما ان الرئاسة الاولى لا تزال شاغرة»، فإن هؤلاء يشيرون الى انه «مع استئناف الوزير الاصيل توقيع القرارات واستلام البريد فهذا يعني ان لا لزوم لاستمرار شبطيني في القيام بمهامها بالوكالة».

ويبدو ان بعض المحيطين بالرئيس سليمان يرون ان ريفي «راهن عند تقديم استقالته بإنفراط عقد الحكومة، وحين لم يحصل هذا الامر وفي الوقت نفسه لم تقبل استقالته بشكل رسمي، عَمَد الى استعادة التوقيع من دون إعلان العودة عن الاستقالة».

هكذا فإن مسارعة الوزيرة شبطيني، التي تعود السبت المقبل الى لبنان بعد زيارة الى سيول (لمدة أسبوع) موفدة من رئيس الحكومة للمشاركة في مؤتمر عن «المرأة ودورها في صنع السلام»، الى المداومة في مكتب الوزير ريفي بدلا من وزارة المهجرين سرّعت قرار وزير العدل باستعادة بريد الوزارة.

زوار ريفي ينقلون عنه في هذا السياق تأكيده ان الاستقالة نهائية ولا عودة عنها، بالمقابل فإن توقيع البريد لا يعني أبدا العودة عن هذه الاستقالة فهو لا يزال وزيرا اصيلا طالما لم تقبل الاستقالة ولم يصدر مرسوم تعيين البديل ولم يعلن وزير العدل اعتكافه.

«تسيير المرفق العام» في هذه الحالة يتمّ من الاشرفية وطرابلس وليس من مقرّ الوزارة في المتحف حيث يداوم فريق عمله، كما ان الوزير المستقيل، يضيف هؤلاء، يحرص على عدم إعطاء حجّة لاي أحد للقول بأنه «يتلهّف للعودة»، كما ان الاسباب الامنية والتهديدات الاخيرة تفرض عليه التشدّد أكثر من قبل في تنقلاته.