كثرة اطلالات رئيس سوريا السابق بشار الاسد على الاعلام الخارجي، الغربي اساساً، تذكّر بكثرة اطلالات صدام حسين عشية حرب «أم الحواسم» الأميركية ــــــ البريطانية التي أنهت نظام «البعث» وأدخلت العراق في مرحلة انعدام وزن لم تخدم أحداً أو دولة مثلما خدمت إيران».
الفارق بين الاثنين في الشكل، لا ينسف المضمون تماماً.. بل يصّب، بالنسبة إلى الخصال، في مصلحة الرئيس العراقي الراحل.
كل إعلامي عربي وأجنبي حضر في بغداد عام 2003، كان على موعد يومي (تقريباً) مع شريط فيديو مُرسل من دوائر رئاسة الجمهورية، يُظهر لقاءات صدام حسين مع ضباط جيشه ومسؤولي حزبه، وحديثه إليهم عن الحرب الآتية (الحتمية).. محاولاً (في كل حال) إظهار مدى تماسكه وإمساكه بالوضع من مختلف نواحيه الداخلية.
ولم تتغير تلك الخبرية إلاّ قبل يوم أو اثنين من انطلاق الحرب مباشرة في الثامن من آذار ذلك العام. حيث استعيض عن اللقاءات المباشرة والمصورة بالرسائل الصوتية.. ومع ذلك، عاد صدام غداة الموجة الأولى من القصف الجوي والصاروخي، وظهر في حي الأعظمية البغدادي، وبين الناس وبجرأة استثنائية.
رئيس سوريا السابق ليس في ذلك الوارد! ولا في تلك القدرة! ولا يبدو معنياً بالحديث إلاّ الى الاعلام الغربي. وعلى فترات متقطعة وكلما «شعر« ان تطوراً ميدانياً سُجِّل ضد قوى المعارضة. أو أن شيئاً كبيراً يحضّره الروس والإيرانيون وميليشياتهم المذهبية، مثلما هو الحال، في هذه الأيام، بالنسبة إلى شرق حلبّ! ولا صورة واحدة أو لقاء واحد مع ضباط الجيش أو غيرهم، بل يفضل أن يخاطب هؤلاء وجماعة الحزب والسلطة أو السوريين عموماً من خلال «وسطاء» غربيين أو روس! كأنه مأزوم إلى درجة تجعله لا يثق بأحد على الإطلاق، حتى لو كان من «جماعته» و»بيئته»!
الفارق في المضمون بينه وبين صدام حسين هو الفارق في الوقت. الثاني كان يعرف ان أيامه في السلطة معدودة. وجورج بوش (الابن) غير جورج بوش الأب. وأن «القرار» صدر في حقّه وانتهى الأمر. ولذلك لم تغشّ آلته الإعلامية والسياسية العراقيين وغير العراقيين، بل أعطت الحرب الآتية صفة جذرية وسمتها «أم الحواسم».!
بشار الأسد، يعرف ان نظامه انتهى، قبل الآن بكثير. وان معظم وظائفه تعطلّت وانتهت. وانه منبوذ إقليمياً ودولياً. وإنه ما عاد قادراً على اتخاذ اي قرار «سيادي». وأن إيران من جهة وروسيا من جهة أخرى صارتا تتقاسمان كل شيء: النار والقرار!
.. ولذلك، يبدو وكأن هدفه الوحيد من كثرة إطلالاته الاعلامية، هو القول وتكرار القول، ان «سنواته معدودة» على العكس من صدام الذي كانت «ايامه معدودة»! وأنه على رغم فقدانه سلطة القرار فهو لا يزال يتمتع بسلطة «الحكي»! ويكثر من «ممارسة» تلك السلطة.