أكد الرئيس سعد الحريري انه سيتابع يوميا تطبيق قرار النأي بالنفس الذي اتخذه مجلس الوزراء، ومن لن يحترمه فستكون مشكلته معي.
لكن يبدو ان هذا القرار، أشبه بقانون الانتخابات الجديد، بحاجة الى تحديد وتفسير، وربما اقتضى الأمر تعديله في حالة وقوف جميع الفرقاء أمام حائط الصوت التفضيلي الواحد، الى جانب عقدة أخرى تتمثل بتحديد مكانة وماهية الورقة البيضاء التي قد يوجد الكثير منها في صناديق الاقتراع، هل تحتسب ضمن أعداد المقترعين وتقاس النسبة المئوية التي يحصل عليها المرشح على أساسها، أم تعتبر ملغاة؟
في موضوع النأي بالنفس، المشكلة المطروحة ضمنيا، تتمثل بالعلاقة مع اسرائيل، وفريق الممانعة يعتبر ان النأي بالنفس عن مقاومة اسرائيل ليس مطروحا، بل هو يقتصر على موقف لبنان من الصراعات الاقليمية.
ويرد الفريق المنادي بالنأي المطلق، بأن مجموعة الدول الكبرى الداعمة للبنان في باريس، ربطت النأي المطلوب، من أجل دعمها للبنان، بالالتزام بالقرارين الدوليين ١٥٥٩ الذي ينص على خروج كل القوى المسلحة من لبنان، وليس الجيش السوري وحسب، و١٧٠١ الذي حصر التواجد المسلح في منطقة جنوب الليطاني بالقوات الدولية والجيش اللبناني، من دون أي طرف ثالث…
وقد حاولت بعض الأوساط الرسمية، تغطية السماوات بالقباوات بالترجمة المنقوصة لقرار المجموعة الدولية، بتجاهل الفقرة المتعلقة بالقرارين ١٥٥٩ و١٧٠١، ثم بعد انكشاف الأمر تمّت تسويته، على أساس انه نقص في الترجمة، بيد انه لم يطلّ الوقت حتى ظهر قيس الخزعلي، قائد عصائب أهل الحق العراقيين في الجنوب متفقدا ومستطلعا، وكان مجيئه، بالتوقيت، والظرف، بمثابة رد على من يحاولون تمرير القرارات الدولية المانعة للوجود المسلح غير الشرعي، ضمن عباءة النأي بالنفس المغطى دوليا.
ومع الضجة التي رافقت الزيارة الخزعلية، انتقل الممانعون، الى رفض تنفيذ النأي بالنفس من طرف واحد… وان على الخارج ان ينأى بنفسه عن لبنان، وكلمة الخارج، تعني ان النأي يجب ان يكون من اسرائيل وغير اسرائيل أيضا، من دون تحديد أو توضيح، علما ان الخرق الخارجي الملموس مصدره اثنان: الطيران الحربي الاسرائيلي، والسلاح غير النظامي أو غير الشرعي العابر للحدود.
كما ان النأي لا يشمل اسرائيل، التي هي في حالة احتلال لأراض لبنانية، كذلك الأمر بالنسبة للقوى التكفيرية التي تحت عنوان مكافحتها، تستمر استباحة الحدود الشرقية ولو بنطاق أضيق من السابق، بفضل الجهود العسكرية والأمنية.
وللتأكيد على عدم سريان النأي على الحدود الشرقية، كانت مشاركة وزير الداخلية السورية المفاجئة للجانب اللبناني، باعادة افتتاح معبر جوسي.
والجديد الذي ربما رمى اليه الرئيس الحريري في تحذيره لكل من يعيق تطبيق النأي بالنفس، هو زيارة وفد قيادي من فتح الانتفاضة المعروفة الانتماء، الى قيادة حزب الله، مع الاعلان رسميا عن الزيارة، ومن دون التطرّق الى أهدافها بالطبع…
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، وبعيدا عن المناخات النفطية والانتخابية السائدة، هل من تفسير رسمي قاطع لمبدأ النأي بالنفس يحدّد المواقف ويرسم الحدود؟
أو بالأحرى هل ان القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١، مرّ عليهما الزمن، كما يقول الممانعون، أم ان الأمر بحاجة الى المزيد من التأكيد الرسمي والاصرار؟
بعض المصادر قالت ان الرئيسين عون والحريري توافقا على مواجهة هذا الوضع بتوضيحه على الأقل، كما تحدثا عن تحقيق يجرى في قضية الخزعلي، التحقيق بكيفية دخوله، وبأي جواز سفر، وليس لماذا دخل وما الغاية الحقيقية من هذا الدخول…؟
وبالانتظار فان هذا المستوى من النأي بالنفس، لن يمنع امتداد الحرائق الى نطاقه المفتوح…