IMLebanon

ما بين خطابَي «سلام».. وعلى البلد السلام

ساعات فصلت قبل أيام، بين خطابين متضادين متصارعين. خطاب رئيس الحكومة تمام سلام الذي حاول أن يحمي لبنان من العواصف، فاصطدم بـ«حزب الله» الحريص على «الإجماع». خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي أجاز فيه لنفسه بأن يواصل زجّ لبنان في عواصف المنطقة دون العودة الى اللبنانيين»!.

انتفض «حزب الله» على سلام لإلقائه كلمة لبنان في جامعة الدول العربية، من دون «مشورته»، على الرغم من أنه «شاور» اللبنانيين قبل توجهه الى سوريا للمشاركة في قتل الشعب السوري الى جانب الاسد، وتوجهه الى العراق لقتل العشائر، ومهاجمته الدول العربية التي تؤوي عشرات آلاف اللبنانيين.

سلام من وجهة نظر الحزب أخطأ خطأ جسيما بدعمه الإجماع العربي، وبتأييده لسيادة اليمن ووحدة أراضيه ونسيجه الاجتماعي، وبدعوته الى تحييد لبنان عن الصراع ! طبعاً لـ«سيّد المقاومة» موقف مغاير. فقد دلّ خطابه على مدى انتمائه العربي حين دافع بشراسة عن الموقف الايراني «الداعم لحرية الشعوب»، وحين وصف العرب الذين يحتضنون عشرات الآلاف من اللبنانيين في بلادهم بـ«التنابل والكسالى والفاشلين». بهذا المعنى، لا يجوز لغير نصرالله الحديث عن لبنان، بعد محاولاته الحثيثة لإدخال «بلاد الأرز» المنظومة الايرانية الى جانب دمشق وبغداد وصنعاء!

لبس مسؤولو «حزب الله»، وعلى رأسهم الوزير حسين الحاج حسن، لبوس الحمل الوديع الوفاقي الحريص على عدم التفرد بأي قرار خارج الإجماع الوطني، وتوجّهوا الى سلام بالقول: «ما ادليت به يعبّر عن وجهة نظر قسم من اللبنانيين، ولا يعبّر عن وجهة نظر لبنان الرسمي»!.

للأمانة، لم يوفر «حزب الله» مناسبة ليعطي انطباعاً بأنه ضد «الإجماع الوطني». ففي عام 2006، آمن، كعادته، بالحوار اللبناني الجامع، وحين جاء دور البحث في الاستراتيجية الدفاعية، قلب الطاولة على الجميع، وما لبث أن توجّه الى حرب تموز وانقلب على تعهداته في ما خص المحكمة الدولية والسلاح خارج المخيمات (بموافقة اللبنانيين طبعاً). وفي الدوحة، انتزع الثلث المعطل بقوة السلاح، وما لبث ان انقلب على تعهّده بعدم استخدامه لإسقاط الحكومة (بموافقة اللبنانيين طبعاً). وفي حوار عام 2012، دخل في حوار جامع لإعلان تحييد لبنان عن الحرب السورية، وما لبث ان مزّق توقيعه عندما جاء أمر الولي الفقيه بالتدخل في سوريا لإنقاذ الاسد (بموافقة اللبنانيين طبعاً).

وفي هذا السياق، يؤكد عضو كتلة «المستقبل» النائب أمين وهبي لـ«المستقبل»، أن «سلام انطلق في خطابه من اولوية مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني. أما نصرالله، فقد عبّر عن المصالح الايرانية، منسجماً بذلك مع موقفه المذهبي والعقائدي، كونه جزءاً من المنظومة الايرانية والحرس الثوري».

استبق الرئيس تمام سلام وعد الوزير حسين الحاج حسن الصادق، بمناقشة كلمته في شرم الشيخ في اول جلسة للحكومة، بالتهديد بوقف جلسات الحكومة «فوراً» في حال الاعتراض على موقف لبنان في الجامعة العربية. واجه سلام «عاصفة» حزب الله بـ«حزم»، رافضاً الاملاءات واخذ الاذن من اي كان. فاقتصرت الجلسة على تسجيل موقف اعتراضي من حزب الله.. لا أكثر ولا أقل.

وعن ذلك يقول وهبي أن «سلام كان واضحاً منذ البداية. فرئيس الحكومة ينطق باسم مجلس الوزراء ويعبّر عن سياسته، انطلاقاً من النصوص الدستورية التي حددت صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الاطار، ومن شبه الاجماع الوزاري الذي بقي وزراء حزب الله خارجه، ومن اجماع غالبية الشعب اللبناني».

من الواضح أن خطاب الرئيس سلام جاء منسجماً مع البيان الوزاري الذي يدعو الى التضامن العربي والى احترام الشرعية العربية، بينما جاء خطاب نصرالله فئوياً يعبّر عن مدى انغماسه في المشروع الفارسي. فهل يتأزم الخطاب السياسي في لبنان أكثر.. وما هي حدوده؟!