Site icon IMLebanon

بين إعلان نصر الجرود  والتفتيش عن نصر السلسلة والضرائب

ساحة الشهداء في وسط بيروت… إنه المكان الذي قرَّ الرأي عليه ليكون موقعة إعلان نصر الجرود بعد معارك فجر الجرود… اختيار المكان له رمزيته حيث سيتحلَّق اللبنانيون، في إجماع وطني، حول جيشهم، هذا الجيش الذي أعاد الإعتبار لهيبة الدولة في سيادتها على أرضها.

كل الإجابات صارت واضحة باستثناء الزمان، إذ إنَّ قيادة الجيش تنتظر إنجاز النصر بكل تفاصيله حتى يكون إعلان ساعة الصفر للإحتفال.

***

في مقابل احتفال نصر الجرود، متى وكيف سيكون ممكناً إعلان نصر السلسلة والضرائب؟

هنا المعركة أصعب بكثير، فالجرود كانت محددة مخاطرها بحوالى 120 كيلومتراً، أما معركة السلسلة والضرائب فتطال جميع اللبنانيين من دون استثناء، مع فارق بسيط هو أنَّ فئات قادرة على تحمُّل الضريبة، فيما فئات أخرى بدأت تنوء تحت أعبائها. بهذا المعنى، فإنَّ الحكومة مدعوّة إلى المعادلة بين الحقوق والواجبات، فكما أعطت المتقاعدين وموظفي القطاع العام حقوقهم، يفترض فيها أن تعزز واجباتها من خلال أن تكون الضرائب عادلة ومحتملة وأن تفرض الشفافية في كل العقود والتلزيمات وأن تحافظ على خزينة الدولة تماماً كما تحافظ الأرملة على فلسها.

في زيارة لإحدى الشخصيات المصرفية البارزة للعاصمة الأميركية، سُئلت هذه الشخصية من قبل مسؤول نقدي بارز في الإدارة الأميركية، عن نسبة العمولات التي تُحسَم من التلزيمات والمشاريع في لبنان، فكان جواب الشخصية اللبنانية:

ثلاثون في المئة من قيمة كل مشروع. صحَّح له المسؤول النقدي الأميركي:

معلوماتنا شبه المؤكدة تتحدث عن أنَّ الأمور معكوسة، بمعنى أنَّ كل مشروع تبلغ نسبة العمولة المدفوعة فيه 80 في المئة، أما العشرون في المئة المتبقية فتكون قيمة المشروع التي تُعطى للمتعهد.

دخلت الشخصية اللبنانية في نقاش مع المسؤول النقدي الأميركي الذي قطع الشك باليقين، فكشف للشخصية اللبنانية عن مجموعة من التلزيمات في لبنان كانت المعادلة فيها:

ثمانون في المئة عمولات، وعشرون في المئة قيمة التلزيم.

صُعِقَت الشخصية اللبنانية من هذه المعطيات، وفهمت لماذا هناك تشدُّد في تقديم المساعدات للبنان.

***

لعلَّ هذه الواقعة كافية ليُدرك المسؤولون اللبنانيون أنَّهم تحت المجهر الدولي، في ما يتعلق بخزينة الدولة والمالية العامة.

سلسلة الرتب والرواتب أعطت زيادات إلى العسكريين والأساتذة في القطاعين العام والخاص وإلى كل الموظفين في القطاع العام.

السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو:

إذا كان العسكريون والمتقاعدون من العسكريين تحقُّ لهم الزيادة، فما هي المعايير التي اعتُمِدت لإعطاء زيادات لموظفي القطاع العام؟

هل يدرك الذين شرَّعوا الزيادات أنَّ نسبةً كبيرةً من موظفي القطاع العام لا يعملون ولا يحضرون إلى مكاتبهم، وأنَّهم إذا حضروا فمن أجل تسجيل دوام لا أكثر ولا أقل؟

هل يجوز أن يتسبب قانونا السلسلة والضرائب في إحداث بلبلة اجتماعية بسبب التسرع في إقرار قانون سيُعطي زيادات لغير مستحقينها؟