إذا كان جدياً ما يُذاع ويُشاع حول تفعيل الحكومة وتنشيطها، وتمكينها من العودة الى ساحة الإنتاج والعمل، فمن البديهي أن يتبادر الى الأذهان حالاً وسريعاً أنَّ الفراغ الرئاسي لا يزال ضمن مربَّع الإجازة الطويلة، معزَّزاً مكرّماً.
في الأساس، ومن حيث المبدأ، جوهر السؤال السياسي الكبير لا يدور حول عودة الحكومة الى دائرة “الواجبات الطبيعيَّة”، أو إبقائها معطَّلة. إنما هو يتناول الوضع اللبناني برمَّته، انطلاقاً من الاحتفال الطويل الامد بعملية التفريغ الشاملة، والتي طاولت الدولة بكل مؤسَّساتها ودورة الحركة والإنتاج العادية داخل الدوائر الرسمية على مختلف الصعد والمستويات.
بكل ترحيب وتشجيع يستقبل الناس عودة الحكومة الى حيث يجب أن تكون بكل وزرائها، وبالنسبة الى جميع المهمات والمسؤوليات المنوطة برئيس الحكومة والوزراء.
إلا أن التداخل السياسي والتصادم غير العفوي أحياناً بين الوزراء والقضايا المطروحة على النقاش، جرفت بطريقها أكوام خلافات الأطراف الممثلين بوزراء ووزارات، وملأت درب الحكومة أينما اتجهت. فكانت أرجوحة “جلسات الضرورة” لمجلس الوزراء.
الى أن انقطعت في الفترة الأخيرة، وقَطَعَت انقطاعها بجلسة “تحرير” الزبالة.
إذاً، هل من تفكير، أو مسعى، أو اتجاه مدعوم من المرجعيّات والقيادات المعنيَّة لتسهيل طريق عودة الحكومة الى ممارسة مهماتها ومسؤولياتها، وعلى أي أساس؟ وما هي الضمانات لعدم تجدّد التجاذبات، والتصادمات، والمقاطعات، والعرقلات المفتعلة بمعظمها؟
لا بدَّ من انتظار تطورات ومفاجآت مطلع السنة الجديدة، وما إذا كان الاهتمام الأساسي سينصبُّ على تفعيل الحكومة، أم تفعيل الاستحقاق الرئاسي. ومن حيث انطلق ترشيح رئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجيَّة، ومواقف المرشحين المعلنين الذين لم يدلوا بدلوهم بعد، سواءً أكانوا مع أم ضد، أم التزام الصمت في انتظار جحلاء كل ما يحيط بهذا الاستحقاق، سواءً من قوى الداخل أو قوى الخارج… وهي بيت القصيد. لا شك في أن الفراغ الرئاسي قد تحوَّل مع الأيام والأسابيع والأشهُر ظلاً ثقيلاً، وعبئاً جاثماً على المؤسسات الدستورية بكاملها، مثلما حوَّل معظم المؤسَّسات الخاصة والمحال التجارية مجالس للدردشة… وكش الذباب، ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وحين يتحدّث المتضرِّرون من الفراغ وانعكاساته على مصادر الإنتاج والدورة الاقتصادية، لا بدَّ أن يحضَر الاستحقاق الرئاسي المجمَّد في برّادات بالجملة لا بالمفرّق، ويصبح من رابع المستحيلات تحويل الاهتمام في هذا الاتجاه أو ذاك.
ولا حتى في اتجاه الحكومة المشلولة بدورها، وأهميَّة تفعيلها، أو تركها ضمن الحالة الالتباسيَّة المزمنة. أي بين تصريف الأعملا وتصريف الوقت.