ليس قليلاً وليس تفصيلاً أنَّ القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تهتم للقاء رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، على رغم إنهماكاتها في عاصفة الحزم في اليمن وفي رصد الإتفاق النووي بين إيران ودول الغرب.
هذا الإستقبال يعكس كم أنَّ المملكة مهتمة بالوضع اللبناني، ويعكس كم أنَّ بعض القيادات اللبنانية لهم الثقل الوازن للتأثير في هذا الوضع.
وأكثر ما لفت في هذه اللقاءات هو مستواها ونوعيتها، فاللقاء مع الملك سلمان من أبرز مَن شارك فيه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإستخبارات خالد بن علي الحميدان، ثم لقاء ثنائي مع محمد بن سلمان.
واكتملت اللقاءات بالإجتماع مع الرئيس سعد الحريري حيث كانت كلُّ الملفات اللبنانية على الطاولة.
***
هذا الإهتمام السعودي بلبنان يُشكِّل رسالة إلى جميع مَن يعنيهم الأمر، مفادها أنَّ لبنان في قلب إهتمامات المنطقة وأنّه يستحيل تحويله بلداً هامشياً أو مهمَّشاً بالنسبة إليها، وهذا المعطى سيدفع جميع الأفرقاء، الداخليين والخارجيين، للتعاطي معه على هذا الأساس.
***
وما ينطبق على زيارة الدكتور سمير جعجع للمملكة، ينطبق بالتوازي على زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لباريس، فليس قليلاً وليس تفصيلاً على الإطلاق أنَّ الرئيس الفرنسي، في ذروة انشغالاته في الإتفاق النووي مع إيران وفي مكافحة الإرهاب وفي الإهتمام بقضية التعثر المالي اليوناني، أن يجد وقتاً لاستقبال النائب وليد جنبلاط في حضور نجله تيمور، هذه الخطوة تعكس كم أنَّ فرنسا تنظر بعين الإهتمام للواقع اللبناني في ظلِّ تراكم استحقاقاته وصعوبة إنجاز هذه الإستحقاقات.
***
وبين الزيارتين شكَّلت زيارة العمل التي قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق لفرنسا اهتماماً أوروبياً بالدور الذي يضطلع به لبنان في مكافحة الإرهاب، فالوزير المشنوق التقى نظيره الفرنسي برنار كازنوف، واللافت في اللقاء مشاركة مدير عام جهاز الأمن الداخلي الفرنسي باتريك كالفار، وكانت كلُّ الملفات الأمنية على الطاولة، وما لفت أيضاً هو الوفد الأمني الرفيع الذي يرافق الوزير المشنوق والذي من أبرز أعضائه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد عماد عثمان. كما لفت أنَّ لقاءً آخر تمَّ مع مدير جهاز الأمن الخارجي الفرنسي برنار باجولي.
***
في مقابل كل هذا الإهتمام والإنشغال، ماذا في الداخل اللبناني؟
مزيدٌ من الإهتراء ومزيدٌ من الروائح الكريهة المنبعثة من تراكم النفايات ومن ازدياد الحديث عن روائح الصفقات في هذا الملف.
أقفل مطمر الناعمة فانفجر ملف النفايات، كلُّ هذا الكم منها أين نذهب فيه؟
في البلد نحو 760 مكباً عشوائياً، ولا واحد من المكبات يقبل بأن يتحول إلى مكب ومطمر مقونن، فما العمل إذاً؟
إنَّ المأزق سببه أنَّ الجميع يتسببون في إنتاج النفايات لكن لا أحد يهتم في معالجتها. أليست هذه الأنانية السياسية؟